مفاهيم خاطئة عن النسوية | مقال رأي بقلم تقي محمود

١٥ فبراير ٢٠٢١
كتبت ـ تقي محمود

Illustration by Eleanor Shakespeare

بعد سماع الكثير من الافكار الوهمية والاعتقدات التي لا تمت للواقع بصلة، و رؤية العديد من الناس يتهكمون على الحركة النسوية و يصفونها بحركة “بغض الرجال”،او انها حركة تقودها “كارهات الرجال”، بدا لي ان مصطلح النسوية حظى بالكثير من الدلالات السلبية، وأنه قد تم اساءة تفسيره و تشويهه من قبل معارضيه، و من بعض وسائل الاعلام ، وحتى من بعض انصاره الصاخبين.

و هذه المفاهيم الخاطئة عن النسوية سائدة منذ سنوات، مما دفعني الي كتابة هذا المقال على امل ان يساهم في تصحيح بعضا منها. من هذه المفاهيم المغلوطة: 

أولا: النسوية حركة خاصة بالنساء فقط.

خلافا للاعتقاد الشائع فان الحركة النسوية لم تؤسس من اجل النساء فقط، ولكن ربما تعطى البادئة Feme انطباعا ان هذه الحركة هي نادٍ حصري للنساء فقط، لأنها توحي بكلمة feminine أي انثوي؛ ولكنها ليست كذلك و ليس كل من ينضم لهذه الحركة او يدعمها نساء.

طالما انك تؤمن بالمساواة بين الجنسين بغض النظر عن نوعك ، فإنك تعتبر نسويا.

ثانيا : جميع النسويات يكرهن الرجال.

هذا هو الاعتقاد الخاطئ الاكثر شيوعا، تعيش العديد من النسويات علاقات تتسم بالمحبة مع الرجل في حياتهن سواء كان شريكا او ابا او اخا او غيرهم. النسويات لسن معاديات للرجال، بل هن معاديات للنظام الذكوري الابوي، و لفكرة ان الرجال افضل من النساء بغض النظر عن نوع جنس الشخص الذي يروج لهذه الفكرة.

و ايضا هناك من يدعي ان النسوية تحصر الرجال في صورة نمطية للرجل المؤذي المعتدي ،و هذا ليس صحيح فلا حاجة لأخبار النسويات مرارا و تكرارا ان ليس كل الذكور يتصرفون بنفس الطريقة ،فهم يعرفن ذلك مسبقا.

ثالثا: تدعي النسوية ان المرأة افضل من الرجل.

كلا، لا تعتقد النسويات ذلك علي الاطلاق، ولكنهن بالأحرى يرغبن ان يعاملن بالمساواة مع الرجال. تعترف النسويات بحقيقة انه علي الرجال و النساء ان يكونوا موجودين سويا لمساعدة بعضهم البعض، بهدف ان يصبحوا افرادا افضل. و أي نسوية تعتقد بأن الرجال ادني من النساء فهي تخالف مفاهيم النسوية، لأن الهدف من الحركة النسوية هو تصحيح الخلل في ميزان القوة بين الرجال والنساء. فالنسوية لا تدعو لنظام نسائي أمومي ولا تؤيد النظام الذكوري الابوي. وهي تدعو لهدم اي أفضلية ينالها أي من الجنسين فقط بسبب نوعه، بدون وجه استحقاق.

رابعا: النسويات مؤيدات للتعري.

علي الرغم من وجود بعض اعمال الشغب من قبل بعض الجماعات النسوية المتطرفة، من فضلكم لا تدعو ذلك يصبح توصيف شاملا لنا جميعا. بل حاربوا هذه الستيجما كما تحاربوا الاسلاموفوبيا و ترفضوا الوصم الذي يلاحق اي عربي مسلم في بعض الدول بأنه ارهابي، فقط لأن بعض الجماعات المتطرفة التي تدعي للاسلام قامت بأعمال ارهابية.

فالنسويات لا يناصرن التعري و لكنهن بالأحرى يدافعن عن حق المرأة فى ان تكون قادرة على اختيار ما ترتديه.

خامسا: النسويات مهتمات فقط بوظائفهن و معاديات للأعمال المنزلية و الانوثة.

النسوية تدافع عن التحرر و هو ليس في العمل او في انعدامه. بل هو في حق اختيار المرأة و تقرير مصيرها سواء في الحصول على عمل ام لا.

و لأن الكثير من النساء عادة تجبر على التخلى عن ما تحلم به، فالنسويات تؤمن بأنه يجب ان تحصل النساء على الاختيار فيما يردن ان يفعلن بشكل عام في حياتهن، و هذا يشمل ايضا خيارهن في ان يكن ربات بيوت. و لا ترى النسوية ان من اختارت ذلك بمحض ارادتها ضعيفة.

و ينطبق الامر نفسه حول من اختارت ان تمثل الصورة النمطية للانثى. النسويات لسن معاديات للانوثة ولكنهن يرفضن ان لا يسمح للنساء بأن تكون انثى بأي صورة اخرى سوى الصورة الانثوية النمطية.

بالرغم من ان بإمكان الكثيرين القول بأن النسوية حركة رفاهية و زائدة عن الحاجة بسبب تمتع النساء بنفس الفرص التى يتمتع بها الرجال في بعض المجتمعات. ولكن هذا لا يحدث في كافة المجتمعات بل لا يحدث في اغلبها، و ليس من العدل ان نغلق اعيننا عن محنتهن لمجرد اننا من المجموعة القليلة المحظوظة.

النسوية ليست حركة تدعو لبغض او كراهية، بل هي تدعو للتحرر من قيود كُبلنا بها لقرون.

فالنسوية ترسم صورة للعالم ليس على الحالة التى هو عليها، بل للحالة التي يمكن أن تكون.

إذا أعجبتك هذه المقالة، لا تنسوا الأشترك في المجلة لتصلكم مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

1 comments

اترك رداً على Abubaker Jandan إلغاء الرد