المرأة المُستضعفة في المُجتمع المِصْري | أمل قطب

٧ أبريل ٢٠٢١
أمل قطب

ومازالت المرأة حتى وقتنا هذا تناضل وتكافح من أجل الحصول على أبسط حقوقها. فالمرأة بما تتعرض له من انتهاكات هي من أكبر شرائح المجتمع أو بالأحرى أكبر أقلية مستضعفة في العالم العربي.

إن نضال النساء في الشرق- وتحديداً في مِصر- لا يمكن لنا فصله عن نضال النساء في العالم، فانتهاكات حقوق المرأة موجودة في كل المجتمعات بنسب متفاوتة، ونحن في مصر مازلنا في الدرجات الأولى لتحقيق الهدف المرجو، ولا بد من القول إنه لا يمكننا فصل مشاكل المرأة عن مشاكل المجتمع لأنها باختصار شديد تُمثل نصف المجتمع إن لم تكن المجتمع كله…

مُنذ الصِغَر، كعادة وتقليد المُجتمع المصري تنشئة الأطفال على أساس التفرقة المبنية على أساس النوع الاجتماعي: الولد والبنت –الذكر والأنثى-  وبدأ انتشار الأمثلة ومواويل وأمثال من الموروث الشعبي المصري لا يعرف من كتبها او دندنها ولا زمانها ولكنها موجودة منذ اكثر من ثلاثمائة عام ومازالت متدوالة: 

لما قالولي ده ولد انشد ضهري واتسند

لما قالولي ده غلام انشد ضهري واستقام

ولما قالولى دي بنية الحيطان مالت علية.

ومن ثَم تبدأ معاملة البنت وكأنها مذنبة منذ مجيئها للدنيا ومحاسبتها منذ بدء الحياة وكأن أحد لديه حرية اختيار نوعه! لا يوجد في أي ديانة من الديانات السماوية على الإطلاق ما ينص على إهانة المرأة والتقليل من شأنها وانتهاك حقوقها، فالمسيحية اعتبرت أن المرأة والرجل جسداً واحداً، لا قوامة ولا تفضيل بل مساواة تامة في الحقوق والواجبات. وحُرِّم الطلاق وتعدد الزوجات، واعطيت قِيَماً روحية أكبر. واعطيت لمؤسسة الزواج تقديساً خاصاً ومساواة في الحقوق بين الطرفين..

أما في الإسلام فقد تحسَّنت وتعزَّزت حقوق المرأة، وقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها سواءً المادية كالإرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها إلى جانب إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية أو حقوقها المعنوية بالنسبة لذاك العهد ومستوى نظرته إلى الحُريات بشكل عام وحرية المرأة بشكل خاص. كما أعطاها حق التعلٌّم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين تأثم إذا تركته.

مما لا شك فيه أن المرأة المصرية مازالت بالأخص تُحارب وتناضل من أجل نيل عيشة حُرة في نطاق مُجتمعي مُرضٍ، فلاتزال سلسلة الانتهاكات في جميع المجالات مستمرة، فنجد العديد منهن تعانين في مجال العمل، ويتعرضن للسخرية والتهكم دون النظر إلى احتمالية أن تلك المرأة تعول أسرة كاملة. وعلى صعيد آخر هناك العديد من صور العُنف المُمثل في عدة صور منها العُنف التقليدي كالختان وزواج القاصرات، والعنف المجتمعي مثل التحرش اللفظي والجنسي، والتعدي والمضايقات اليومية كالتحرش بها أثناء القيادة وفي الأسواق والشوارع مع سيادة المقولة الشهيرة: “الستات مبتعرفش تسوق ومكانك في البيت!” لا حاجة لذكر أن هناك العديد من النساء هن من يتولين أمورهن الشخصية وفي أحيان كثيرة أمور أسرهن وأولادهن إن وجد، فلماذا وإلى متى كل هذه أشكال المضايقات؟!

من أهم أشكال القمع والإجبار في بعض المناطق في المجتمع المصري نجد بعض الرجال الذين يفسّرون قول القرآن الكريم بما يرضي غرورهم “مثنى وثلاث ورباع” أنه يريد أن يقيم شرع الله وهذا يعد حق من حقوقه الذي دائماً يهدد شريكته بهذا الشأن، فهناك بعض النساء اللاتي ليس لديهن أي مصدر آخر للعيش فتصبح مضطرة للعيش والرضوخ لهذا والموافقة على الزواج الثاني والثالث وأحياناً الرابع رغم عدم رضاها موافقتها وكسر شيء بداخلها…

تعددت صور الظلم والقهر للمرأة منذ قديم الأزل في المجتمع المصري، فهناك فئة في بعض الأرياف المصرية الذين لديهم اقتناع تام أن المرأة لديهم ليس لها أي نوع من أنواع الحقوق، حتى التعليم كأبسط حق، فإذا تحدثنا على سبيل المثال على قوانين المواريث فهذه الفئة المذكورة هم من يقومون بحرمان المرأة من الميراث ومنهم من يجبرها على التنازل قانونياً بحجة أنها متزوجة وأنهم لا يريدون خروج الإرث خارج نطاق العائلة وإذا تَعلّمت فهذا يمنعها من الحصول على حقها أيضاً..

وإن تحدثنا عن المساءلات القانونية، فعلى سبيل المثال إذا خانت الزوجة زوجها وقتلها، يُحكم له بالبراءة كدفاع عن الشرف والعِرض، أما إذا حدث أن الزوج خان زوجته واكتشفته وقتلته يُمكن أن يُحكم عليها بالإعدام، إن لم يكن عدة سنين سجن مشدد وكأن ليس لها الحق في الدفاع عن شرفها وعِرضها…

إن كل ما تنادي به المرأة وتطالب به هو الحصول على حقوقها كانسان وبشر كالحق في السلامة الجسمانية، والاستقلال، وعدم التعرض للعنف بصوره، والتصويت، وشغل المناصب العامة، والحصول على حقوق متساوية في قانون الأسرة، الأجور العادلة أو المساواة في الأجور، والحق في الملكية، التعليم.

وأخيراً وليس آخراً، من الواضح أن منذ بداية الخلق إلى أن يشاء الله سوف تظل المرأة تدافع وتناضل وتحارب من أجل الحصول على أبسط ما لها…



أضف تعليق