لقاء مع هبة السواح مؤلفة ” سندريللا سيكرت” | دينا المهدي

١١ سبتمبر ٢٠٢١
دينا المهدي

هبة السواح، باحثة وكاتبة ومدربة حياتية وعلاقات أسرية ، تدير دورات تدريبية لمساعدة الأفراد والأسر.  درست إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والأكاديمية البحرية، ثم دخلت عالم التدريب وحصلت على شهادات المدرب المعتمد من كل من جمعية السلوك الإيجابي، الولايات المتحدة الأمريكية؛ د. جون جراي، خبير العلاقات الزوجية ومؤلف كتاب “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”؛ د. ريتشارد بولستاد؛ د. جون جوتمان، مؤسس معهد جوتمان في كندا. 

تعيش هبة السواح في كندا مع زوجها و أبنائها عبد الله ١٦ سنة وماريا ١٤ سنة. في يناير 2017 ، أصدرت كتاب “سندريلا سيكريت”، وهو من الكتاب الأكثر مبيعًا في مكتبات ألف ومكتبة الديوان وفيرجين ميجاستور ودار الشروق. في يناير 2020، نشرت كتابها الثاني “شهرزاد على النار” والذي يتم توزيعه في مصر وخارجها.

س م: حدثينا عن طبيعة عملك؟
            
هـ س: أقدم  دورات توعية منذ عام ٢٠١٢ في مجالين؛ وهما: العلاقة الزوجية وتنمية الذات. أقدم دورة  “العيش على الهدف ”  Live with A Purpose وهي عن تقدير الذات، وعلاقة الإنسان بنفسه، وفهمه لاحتياجاته النفسية وكيفية التعامل مع الأشخاص من حوله، وكيفية تنظيم وقته وتحديد أهدافه.وأقدم كذلك دورتين (كورسين) في العلاقات الزوجية: Soulmates ، وتدور حول بناء العلاقات الزوجية بدءًا من الصداقة والتقدير مرورًا بإدارة الخلافات والتعامل مع الشخصيات المختلفة إلى الوصول لحياة زوجية قوية وسعيدة. كما أقدم دورة (كورس) Intimacy ، والتي تناقش العلاقة الحميمية، وما يؤثر عليها في تفكيرنا ونظرتنا وطبيعة الرجل والمرأة.

س م: لماذا قررتِ عمل career shift من مجال إدارة الأعمال إلى مجال تدريب الحياة والتخصص في مجال العلاقات الأسرية؟ 

هـ س: دخولي في مجال العلاقات الأسرية كان سببه أولادي، فلقد تزوجت وعمري ١٩عامًا وأنجبت في العشرين من عمري. ولم أكن أعرف كيفية التعامل معهم، لكنني كنت أعرف جيدًا أنني أرغب بشدة في تربيتهم بطريقة مختلفة عن طريقة تربيتنا. وأردت جدًّا ان أنجح في تنشئة أشخاص أسوياء قادرين على فهم أنفسهم وفهم الحياة من حولهم.  فبدأت أقرأ عن التربية وعن السعادة وعن الإنسان، وبالفعل وجدت نتيجة جيدة مع أولادي وشعرت برغبتي في تعليم غيري ما أتعلمه.

قررت أن أدرس بطريقة علمية؛ وتدربت مع مؤسسة التربية الإيجابية و بدأت أقدم دورات تدريبية (كورسات) في التربية. وجدت في هذه الدورات أشخاصًا يسألونني عن الزواج فشعرت أنهم لا يستطيعون التربية بطريقة جيدة بسبب جو المنزل المشحون بالتوتر والقلق، وبسبب سوء العلاقة مع الطرف الآخر. فبدأت أدرس عن الزواج وسافرت إلى أمريكا؛ لكي أدرس مع جون جراي، وبدأت من هنا.

س م: هل كان قرارًا سهلًا؟ وهل وجدتِ اعتراضاتٍ أو تشجيعًا من أسرتك؟ 

 هـ س: لم يكن بالطبع قرارًا سهلًا؛ لأنني كنت الأولى على دفعتي في الجامعة، وكان من المفترض أن أكون معيدة وأكمل في هذا. نصحني أهلي أن أجرب الطرق المضمونة المعروفة أكثر، لكنهم تركوا لي حرية التجربة، والحمد لله هم فخورون بي جدًّا الآن. 

س م: لماذا قررتِ التخصص في مجال تدريب الحياة والعلاقات الأسرية؟ وما الذي جذبك لذلك المجال؟         

 هـ س: عندما بدأت أقدم دورات (كورسات) عن الزواج وجدت أن أغلب الناس لديهم مشكلة في نظرتهم وعلاقتهم بأنفسهم.. فبدأت أدرس علاقة الإنسان بنفسه وكيفية وصوله إلى السعادة وتحقيق ما يريده الله منه في الحياة. ما شجعني أن أكمل ما بدأته هو النتيجة المذهلة والتغيير الكبير الذي رأيته في الأشخاص الذين تعاملت معهم. وانجذابي للعلاقات الأسرية كان لأن الإنسان يقضي ثلثي  عمره تقريبًا في العلاقة مع شريك حياته. فإذا كانت هذه العلاقة تعيسة، فإنها تؤثر على إنتاجيته وصحته وعلى الأطفال الذين يقوم بتربيتهم، وبالتالي يكون التأثير بالسلب علينا جميعًا. 

س م: كتابك الأكثر مبيعًا (سندريلا سيكرت) لاقى إقبالًا كبيرًا من القراء في العالم العربي. احكِ لي عن فكرة الكتاب، وما السر وراء نجاحه وتفاعل القارئات معه؟ 

هـ س: فكرة الكتاب جاءت من الدورات (الكورسات) التي كنت أقدمها منذ ٥ سنوات، ورأيت كيف أن الحياة تختلف كثيرًا عندما يتغير وعيك وعلاقتك بنفسك. أردت أن أغير الأفكار التي تعودنا عليها مثل انتظار الفتاة للفارس الذي يأتيها على الحصان الأبيض وينتشلها من التعاسة. كنت أود أن أوصل للناس جميعًا وللبنات خاصةً أن السعادة تبدأ من علاقتها هي بنفسها… من إيمانها أنها مهمة ولها قيمة ودور في الحياة، وأنها يجب أن تكون هي نفسها وليست مجرد قالب من القوالب التي يفرضها المجتمع عليها. فهي ليست بحاجة أن تنتظر الفارس الأبيض؛ لأنه مهما كان عظيمًا فليس دوره أن يجعلكِ تعيشين سعيدة إذا كنتِ ذاتك تعيسة. لستِ بحاجة لانتظار المعجزة من الساحرة التي ستغير حالك؛ لأنك أنتِ المعجزة من الله وأنتِ المسئولة عن حياتك ولديكِ القدرة على تغييرها. 

سر نجاح الكتاب أنه نجح في  توصيل أفكار عميقة ومعقدة جدًّا بطريقة سلسة وبسيطة وفي صورة قصة كلنا نعرفها. كان مهمًّا جدًّا بالنسبة لي أن أصل للأشخاص الذين لا يحبون القراءة أو يستثقلونها. كما أنه كان من  المهم جدًّا أيضًا أن يخاطب الكتاب نفسه القراء الفاهمين علم النفس جيدًا. أردت أن يكون الكتاب السهل الممتنع. كما وددتُ مِن كل مَن يقرأ الكتاب أن يراني أشبهه… صديقته… أشعر به… أعرف الأسئلة التي تدور في عقله. كما أردت أن أقدم له حلولًا عملية تساعده، وليس مجردَ كلامٍ نظري. 

س م: برأيك، ما فوائد ومزايا التأمل meditation وتأثيره على الصحة النفسية؟   

هـ س: التأمل يساعد الإنسان أن يكون حاضرًا في حياته، وهذا شيء نحن نحتاجه جدًّا ولا نستطيع القيام به. الحضور في الحياة يعني قدرتك أن تكون موجودًا في اللحظة ومستمتعًا بها، وأن تريح عقلك من التفكير فيما هو قادم من قلق وتوتر أو تفكير فيما مضى من حزن وندم وجلد ذات. الحضور في الحياة يجعلنا نعيشها بكل المشاعر التي بها. ويساعدنا التأمل في أن نتخلص من (الكركبة) التي في رءوسنا؛ وهذا شيء نحتاجه جدًّا خصوصًا في ظل (ريتم) الحياة السريع والضغوط التي تواجهنا في كل اتجاه ومواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) التي تشعرنا دومًا أننا غير قادرين على مسايرة الحياة. 

 س م: ما أحدث الوسائل التي تساعد المرأة على الشعور بالسلام النفسي والبعد عن التوتر؟ 

هـ س: المرأة وأي إنسان عامةً، عندما يفهم نفسه ويفهم طبيعة الحياة يصبح أكثر هدوءًا، ويصير لديه قبول أكثر لقصوره البشري ولتحديات الحياة حوله. 

النفس مثل الجسد لها احتياجات إذا أُتيحت لها فإن صحتها ستكون جيدة، وإذا أهملتها فسيصيبها التعب، وبالتالي سينعكس هذا عليك في صورة انعدام السلام النفسي. تحدثت عن هذه الاحتياجات في (سندريلا سيريت)، وتحدثت عن كيفية الموازنة بينها؛ لأن التوازن مفتاح مهم جدًّا للوصول إلى السلام النفسي. 

س م: برأيك كيف يغير الشخص من ذاته للأفضل؟ 

هـ س: أولًا يدرك قيمته ويحب نفسه ويتقبلها، ثم يبدأ يرى نقاط قوته التي سيستخدمها لكي يترك بصمة في المجال الذي يحبه ويحتاجه الناس، ويرى نقاط ضعفه أو الصفات والمهارات التي تنقصه ويبدأ في تطويرها. ومن المهم جدًّا أن يدرك أن التغيير للأفضل رحلة حياة تتطلب وقت متابعة وأنه سيقع ويقف في هذه المرحلة كثيرًا.

س م: في رأيك، هل مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير سلبي أو إيجابي على العلاقات الأسرية؟           

هـ س: مواقع التواصل الاجتماعي مثل (السرنجة) تمامًا، قد تستخدمينها لتتناولي أدوية وفيتامينات لتقوية جسمك وقد تستخدمينها لتناول أدوية مخدرة تعرضك للضياع. مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) ساعدت في انتشار الوعي  بأمور مهمة كثيرة جدًّا. ولكن للأسف هناك أشخاص جعلتهم (السوشيال ميديا) يقارنون أنفسهم بغيرهم ويشعرون أن حياتهم ينقصها شيء، في حين أن (السوشيال ميديا) تلقي الضوء على لقطة صغيرة جدًّا من حياة الأشخاص، وقد تكون أحيانًا غير حقيقية. 

بالتالي يجب أن تتعامل بحذر مع (السوشيال ميديا) وتفلتر وتختار ما تقرأه وتتعرض له؛ بحيث لا يكون شيئًا يؤثر سلبيًّا على نفسيتك أو مفاهيمك أو شعورك بنفسك وحياتك. فالأمر مثل ذهابك لمحل ملابس فإنك تختار ما يعجبك وتترك ما لا يناسبك. كما أنه لا يجب أن تصدق  كل ما يُنشَر على (السوشيال ميديا)؛ لأن هناك أشخاصًا كل ما يشغلهم هو تصوير حياتهم بصورة معينة لكي يجمعوا أشخاصًا كثيرين حولهم.

س م: خلال فترة انتشار فيروس كورونا، انتشرت الأمراض النفسية بسبب التوتر العصبي والعزلة، كما ازداد وعي كثيرين بضرورة الاهتمام بالصحة النفسية واستشارة أطباء نفسيين. هل أثرت تلك الفترة على العلاقات الأسرية في ظل زيادة نسب الطلاق والعنف الأسري؟ 

هـ س: فترة انتشار الكورونا فترة صعبة جدًّا، وكثير من الناس فقدوا أشخاصًا أعزاء لديهم، وأصيب أشخاص بالمرض، وفقد آخرون مصادر الدخل الخاصة بهم… إلخ. وفي أثناء هذه الأحداث، حاول أشخاص التقرب من بعضهم، والتقرب من الله، ومحاولة فعل ما يساعدهم على المحافظة على ثباتهم، واستغلال هذا الوقت في حضور دورات (كورسات) أو قراءة كتب تساعدهم في تجاوز هذه الفترة  وهم في وضع أفضل في فهمهم لأنفسهم وعلاقتهم بمن حولهم. وهناك أناس ضغطتهم هذه الفترة جدًّا،  وهذا الضغط كله للأسف أثّر بالسلب على أقرب الناس إليهم. كما أُجبِر آخرون على قضاء وقت مع أسرهم فكانت المفاجأة أنهم بعد سنوات من البعد والإهمال عاجزون عن التعامل معًا.

س م: أخيرًا ما نصيحتك التي تقدمينها للمرأة للبقاء في حالة جيدة من الصحة والسلام النفسي رغم التحديات والمعوقات التي تواجهها بصفة دائمة؟

هـ س: رسالة عامة للمرأة: أنتِ نصف المجتمع تقومين بتربية وتنشئة النصف الآخر. إدراكك لقيمتك هي أول خطوة لإصلاح أي شيء في حياتك. صحتك النفسية من أهم ما تملكين؛ لكي تستطيعي الاختيار واتخاذ قراراتك والقيام بالأدوار التي كلفك الله بها.  

إذا رغبتِ في العمل فأنتِ بطلة. إذا أردتِ المكوث في المنزل وتربية أولادك فأنتِ بطلة. 

لا يوجد قالب معين نسير جميعنا وفقًا له لنحصل على لقب good girl 

لا تقارني نفسك بأحد.اعرفي مَن تكونين  وماذا تريدين أن تفعلي بالحياة والشخصية والظروف التي منحكِ الله إياها، ولا تلتفتي لمن يفرض عليكِ ما تقومين بعمله. 

لا تنشغلي بما ستفعلينه مع الناس من حولك بقدر انشغالك بما ستفعلينه مع نفسك. أنتِ صاحبة ورفيقة نفسك وأكثر إنسانة ستظل معكِ وأكثر إنسانة يجب أن تكون علاقتك بها جيدة. 

خدي وقتًا كافيًا وليس ثمة مشكلة في أن تخطئي فأنتِ إنسانة ولستِ ملاكًا. لكن من المهم جدًّا أن تقفي مرة أخرى وتتعلمي وتصلحي أخطاءكِ. 

احلمي وجربي ولا تخافي؛ فالله معكِ دومًا، وكل ما يأتي من الله فهو خير لكِ.   

أنتِ مهمة وجميلة ولكِ قيمة، فلا تجعلي أحدًا يقنعك بغير ذلك 

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق