الأزياء القبطية | تراث مصري حفظته التقاليد

١٦ مارس ٢٠٢٢
 د. دعاء بهي الدين

بعدما تم ادراج النسيج اليدوي بالصعيد على قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي باليونسكو يجدر بنا إلقاء الضوء على أحد أهم الصناعات التي برع فيها المصري عبر تاريخه وهي صناعة النسيج التي تزخر متاحف العالم في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بالآلاف من القطع والمجموعات النسجية.

وتوفر المنسوجات بشكل عام مصدرًا للمعلومات حول الطبقات الاجتماعية والحياة اليومية والمعتقدات والعادات للأشخاص الذين ارتدوها. من بين الأنواع المختلفة من المنسوجات المعروفة الملابس الكاملة، وخاصة الستر، أو أجزاء من الملابس مثل الزخارف والستائر والوسائد والأغطية وأجزاء من الأكفان.

وقد تقسيم تاريخ المنسوجات في القرون المبكرة إلى ثلاثة مراحل؛ المرحلة الأولى ويطلق عليها نسيج العصر اليوناني الروماني ويمتد من القرن الثالث إلى الخامس الميلادي، وتمتاز منسوجات تلك الفترة بكثرة استخدام الرسوم الآدمية والحيوانية بجانب العناصر النباتية والهندسية واستمر التحول التدريجي من الطراز الروماني إلى المسيحي من القرن الثالث وحتى السادس الميلادي، أما المرحلة الثانية تُعرف بعصر الانتقال ويؤرخ من القرن الخامس إلى السادس حيث نجد أن تأثير العناصر اليونانية الرومانية لازال ممتدًا في تلك المرحلة مع ظهور لبعض الرموز المسيحية ذات المغزى الديني، أما المرحلة الثالثة فهي التي بدأت من القرن السادس الميلادي وهي المرحلة القبطية الخالصة التي بدأ يتضح فيها ملامح الملابس القبطية التي لازالت مستخدمة حتى اليوم في الإطار الكهنوتي.

كان لظهور الديانه المسيحية أئرا واضحا على أزياء الأقباط فعلى الرغم أن الأزياء القبطية تنتمى جذورها إلى العصر الفرعونى ثم اليوناني والرومانى إلا أن الأزياء القبطية اتسمت بالإحتشام الواضح وهو التأئير الذى فرضته تعاليم الديانة المسيحية. 

مرت الأزياء البيزنطية بقترة إنتقالية إمتدت من القرن الثالث إلى السادس الميلادى وإعتبرت فترة تحول تدريجى من طراز الأزياء الرومانية إلى الطراز القبطي، والتى أطلق عليها الفترة الإنتقالية للأزياء لتصل الفجوة بين الأزياء الرومانية والقبطية.

إذا ما تتبعنا نشأة النسيج القبطي سوف يتبين لنا أنه وجد منذ العصر الفرعوني واستمر في مصر عبر عصورها التاريخية اليونانية والرومانية ثم القبطية والاسلامية، وقد ذكرت لنا المصادر المختلفة على مر التاريخ مدى دقة صنع وشهرة النسيج المصري وذكروا منه على وجه الخصوص نسيج البيسوس.

المواد الخام 

كانت الألياف الرئيسية المستخدمة في صناعة المنسوجات هي الكتان والصوف في مصر القديمة وهو ما استمر في العصر البطلمي، وعرفت المنسوجات الحريرية في العصر الروماني الذي قصر استخدامه على القصر الامبراطوري،كان الكتان والصوف من المواد الأساسية في عملية النسج وقد يكون كامل الثوب من الكتان والجامات (الأشرطة) او الجزء المزخرف من الصوف،  وتم اشتقاق الأصباغ من المصادر النباتية والحيوانية والمعدنية. 

مراكز الصناعة 

امتدت مراكز صناعة النسيج والملابس بطول مصر وكانت أهم مراكز المنسوجات الكتانية؛ الإسكندرية والاشمونين وأنصنا وتنيس، أما مدن مصر العليا فقد تميزت بصناعة المنسوجات الصوفية مثل أخميم والشيخ عبادة وأسيوط وأهناس والبهنسا والفيوم، وكان لكل مركز منهم الطراز الخاص به.

لدينا في المتحف القبطي مجموعة الملابس اختلفت في اتساعها وأطوالها وأطوال أكمامها وزخارفها منها للرجال وأخرى للنساء والأطفال

طرز الأزياء

التونيك هو الثوب الرئيسي للرجل والمرأة على حد سواء وهو ثوب واسع بدون أكمام يتخذ شكل حرف T ومن الممكن أن يوضع حزام حول الخصر، وكان أطول قليلا عن الرجل وتكون له فتحة عند العنق

وكان القميص أو التونيك في العصر القبطي يصل إلى القدم وفوق التونيك يرتدي الكالبيوم وكان له فتحة أكمام واسعة، أما زخارفه فهي تغطي الثوب بالكامل، بينما استخدم الرجال الباليوم التي وهي عبارة عن قطعة قماش مستطيلة يتم لفها حول الجسم. وهو ما يعرف حاليًا بالتونية وأصبح لباسًا دينيًا بداية من القرن الخامس الميلادي ويطلق عليه أيضًا كلوبيون، والتونية الحديثة هي عبارة عن رداء أبيض من الكتان والحرير من الرقبة إلى القدم ويرتديها كل من الشماس والكاهن والأسقف.

أما الدالماتيك فهو رداء خارجي ارتداه الأقباط فوق التونيك وارتداه كل من الرجال والنساء وهو ثوب واسع بدون حزام ويزين بالاشرطة التي تمتد من الأكتاف حتى نهاية الثوب، وله عادة شريطان متوازيان على طرف الأكمام.

كان الثوب يزين بأشرطة أو جامات على الاكتاف من الامام والخلف وحول الرقبة وسميت هذه الاشرطة Clavi، وقد نفذت تلك القطع الزخرفية من خيوط الصوف الملونة ثم تخاط على الرداء، وفي بعض الأحيان كانت تنسج في نفس الوقت مع الرداء، وفي هذه الحالة كانوا يغطون الرسومات المراد تكوينها على الرداء بطبقة من الشمع ثم يصبغ الثوب بأكمله وبعدها يتم إزالة الشمع لتظهر الرسومات بنفس لون الثوب الاصلي، كما وجد في كثير من الاحيان أشرطة مقصوصة من ثياب قديمة ومضافة إلى ثياب جديدة وهذه الأشرطة المزخرفة كانت تستخدم في بعض الأحيان للتأريخ. ل Clavi أصبحت حاليًا هي البطرشيل أو الصدرة وهو عبارة عن شريط طويل من القماش المزركش يتدلى بعرض الصدر ومن الاكتاف الى القدم ويزين بالصلبان ويسمى حاليًا بالصدرة، وكان البطرشيل لباسًا خاصًا بالشماس وحده دون الكاهن

العباءة أو المشملة

ارتدى الأقباط بعض العباءات التي كانت شائعة في الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية والعباءة التي كانت ترتدى فوق الثياب خارج وداخل المنازل وهي إما سادة أو مزخرفة، وضعت أحيانا فوق الرأس وهي مستطيلة وأحيانا مستديرة وتثبت على الكتف الأيمن بواسطة مشبك،كانت تستعمل بأشكال متعددة من الصوف.

الكوفية “الملفحة”

استخدمت ملفحة أو كوفية أشبه بشال فضفاض يكسو الرأس وإحدى الكتفين ثم يلف الجسم ببقية أجزائه، واستخدم للنساء بشكل أكبر. 

الهيماتيون

هوعبارة عن عباءة للخروج للرجال والنساء وهي قطعة مستطيلة من قماش صوف أو كتان يتم تعليقها على أحد الكتفين.

الباليوم

وهي العباءة التي تنسدل للأمام من الكتف الأيسر وتجلب من من الخلف من أسفل الذراع الأيمن بحيث يوضع ويثبت جزء منه على الكتف الأيمن ثم تلقى على الذراع الأيسر، وأصبح الباليوم من العباءات الهامة في الإطار الكنسي فأصبح رداء البطرك وكان يقابله البالا عند النساء.

وعادة ما نفذ التونيك والعباءة من نفس اللون مما يرجح انه تم تنفيذهم في نفس الوقت وفي أمثلة أخرى وقد ظهرت العباءات متناسقة مع الثوب او التونيك إما أن تكون أغمق أو أفتح من الثوب نفسه، مما يؤكد مدى تطور ورش العمل في تلك الفترة.

مكملات الملابس

أعتبرت مكملات الملابس جزءا لايتجزأ عن الشكل العام للزى، كانت الاقراط والدلايات من المكملات الأساسية للملابس القبطية ومن الواضح أن المرأة القبطية كانت مهتمة بأن تظهر أنيقة، وكان للحلى شأنا عظيما عندها ولذلك تعددت أنواع الحلى التى إستخدمتها النساء فى العصر القبطي فمنها الأقراط، والمشابك، والأساور، والأحزمة ذات الطرف المزين بالجواهر، وصلبان الصدر ، ودبابيس الشعر، والخواتم التى كانت عادة ترصع بالجواهر. حيث كان لإنتشار صناعة الحلى أثرأ واضحا على مكملات الانافه التى إتسمت بالفخامة والعظمة. 

كانت النساء يصورن في الغالب وهن يتحلين بأقراط وعقود حيث حرصت سيدات الطبقة الارستقراطية على التحلي بالأقرالط والعقود والأساور تظهر مدى ثراءهن وقد عثر على مجموعة من المشغولات الذهبية لأحدى سيدات اتلك لطبقة في الواحات البحرية تتضمن العديد من الأقراط والعقود والأساور فضلا عن المكاحل التي كانت تصنع إما من العظم أو الخشب أو العاج.

مجوهرات وأدوات زينة للمرأة المصرية  (2)

كما حرصن على اقتناء الدلايات بأشكال متنوعة ويرجولم يكن اقتناء تلك الدلايات بغرض التحلي فقط بل أيضًا مرجعه إلى المعتقد المتوارث منذ القدم بأنها تحميهم من القوى الشريرة وتنوعت اشكالها فيما بين اشكال للصليب او للسيدة العذراء تحمل السيدة العذراء تحمل السيد المسيح او أحد القديسين وصنعت من المعدن أو الذهب أو النحاس أو الجلد.

*إذا أعجبتك هذه المقالة أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

1 comments

أضف تعليق