كيف تربين ابنك ليصبح مناصرًا للمرأة؟

السبت ۹ يوليو ٢٠٢٢
كتبت – نادين الفقي

girlwithtoycarsjpg

في سن السادسة من عمري، شعرت بعدم الانتماء، وكأنني شخص خارج عن المألوف. لم أكن أرتدي الفساتين ولم أكن أشتري أحدث عرائس باربي. كنت أول طفلة في العائلة، وكنت دائمًا أتمنى أن يكون لي أخ، أو ابن عمة، او ابن خالة أكبر مني سنًّا لنلعب سويًّا بالسيارات، والألعاب العلمية. ولكوني وحيدة، شعرت كأني دخيلة كلما حاولت الاختلاط بالفتيات في سني، فلم أكن أحب حفلات الشاي، أو أميرات ديزني، وكنت أفضل صحبة الأولاد ولعب كرة القدم معهم.

الأولاد كانوا أكثر بهجة آنذاك، و كنا نلعب بالكرة  ونلعب الأستغماية طوال اليوم. كانوا دائمًا يقدّرون، ويتقبلون وجودي معهم. كنت أطول وأسرع من معظمهم وكنت مختلفة عن كل البنات، فكانوا يظنون في ذلك الوقت أنني أقوي فتاة يعرفونها، وأكثرهن إثارة للاهتمام. في هذا السن، يبدأ الأطفال في إدراك الأدوار النمطية، اللون الوردي في مقابل اللون الأزرق، الأميرات ضد الدمي المقتبسة شخصياتها من أفلام العنف والأكشن، العرائس ضد السيارات. وبالرغم من ذلك، البعض من هؤلاء الأولاد كان غير متأثر بتلك الأفكار. أتذكر ذلك الصبي الذي جلب معه لعبة طقم المطبخ الخاص به ليريها للآخرين، ويحكي لهم عنها.

vign1

وبعد عشر سنوات، وفي عمر السادسة عشر، كان في مدرستي أربعة أولاد في أشد الحاجة لإيجاد لاعب خامس ينضم لفريقهم لكرة القدم. سألتهم إذا كان بإمكاني اللعب معهم، ووافقوا لأنهم كانوا مضطرين إلى قبولي. كانت هذه أول مباراة كرة قدم لي في مدرستي الجديدة، وكنت أنا الفتاة الوحيدة في ملعب كرة القدم، وأحرزت هدفًا. ولكن هدفي هذا لم يقبل أو يحتفي به. الفريق المنافس اعتبرها شبه كارثة قومية. كيف يمكن “لفتاة” أن تحرز هدفًا ضد حارس مرمى صبي. يا للعجب! كان فريقي أيضًا في حالة صدمة. كيف فعلت ذلك؟ كيف استطاعت “الفتاة” الضعيفة غير القادرة على إحراز هدفًا في ملعب به تسعة صبيان؟ صبي واحد فقط من التسعة صبيان في هذا الملعب حيّاني، وسألني إذا كنت ألعب كمحترفة. أجبته بالنفي، فأقترح على أن أنضم إلى أحد الفرق، وعرض على أن ألعب معهم في مباريات أخرى. صبي واحد فقط! ماذا حدث خلال العشرة سنوات هذه؟

burp

في البداية، يمتلئ الصبيان بالبراءة، والصفاء، والسذاجة؛ ولكن بعد ذلك فإن المجتمع، والإعلام يداهمانهم بالأدوار النمطية، والانحياز النوعي لجنسهم، وعدم المساواة، وبدون أن يشعروا يصبحون مخلوقات مليئة بالهيمنة الذكورية يؤيدون العنف، وعدم المساواة. وذلك بسبب أنه تمت برمجتهم منذ سن صغيرة على النظر إلى الفتيات نظرة وضيعة.

feminist1

وعلى الجانب المشرق، كان هناك هذا الصبي الذي شجعني. ما هو الفرق بينه، وبين الآخرين؟ أنا أؤمن بأن الفرق يكمن في كيفية نشأته. إذا قام الأهل بتربية أبنائهم ليصبحوا مناصرين لحقوق المرأة، فسوف يصبح لدينا مجتمع النسوية به ليست مقصورة على النساء؛ ولكنها تشمل الرجال أيضًا. فالنسوية ليست معناها أن تصبح السيدة عنيفة كارهة للرجال، أو حتى محاولة التشبه بهم؛ بل هي المساواة النوعية (الجندرية)، والإيمان بأن الرجال، والنساء يجب أن يكون لديهم القدر المساوي من الحقوق، والفرص.

للأسف، معظم الأهالي لا يرغبون في تربية أولادهم ليصبحوا مناصرين لحقوق المرأة. البعض منهم يظن بأنه أن تكون نسوي معناها كبت الذكورة. البعض الآخر يعتقد أنه هناك ثمة شيء خاطئ في كيفية توزيع الأدوار النوعية والصور النمطية في المجتمع. وهناك من ليست لديه الشجاعة للخروج عن المألوف، والسباحة عكس التيار والقيام بأفعال يعتبرها المجتمع غير طبيعية. ولأننا نعيش في مجتمع لا يزال يعتبر فيه ميلاد صبي أفضل من ميلاد فتاة، فإنه من الصعب تحدي الأمر الواقع، ومحاولة تغييره. في بعض الأحيان نجد أن السيدات المتزوجات من الرجال غير النسويين يملن إلى الامتثال للعادات، والتقاليد القديمة، وبالتالي يعتبرن أنه من غير الحكمة أن يتحدين الوضع المألوف. البعض الآخر من النساء يعتقدن أنه من الصعب خوض ذلك الطريق نحو التغير، غير مدركات أن العملية بسيطة جدًا إذا بدأن بتعليم الأولاد مبادئ المساواة في المنزل.

tp-feminist-instagram-12

حتى إذا كان الأب لا يساعد في أعمال المنزل، فهو ليس مبرر لعدم تعليم الابن كيف يحضر لنفسه الطعام، وكيف يغسل الأطباق. يجب أن يتعلم أن الأعمال المنزلية ليست محصورة على نوع معين دون الآخر. عندما يدخل غرفة الجلوس بالمنزل، ويفتح التلفاز أخبريه أن ليس كل شيء يراه، أو يسمعه حقيقي، أو صحيح. علميه أن يفكر. علميه أن ينتقد الإعلام في رؤيته للمرأة. أخبريه عن سيرينا وليامز، وعن ماري كوري، وعن كل امرأة أخرى أعطتنا الكثير. قبل أول يوم دراسي له أخبريه أن البكاء لا ينتقص منه، وأنه يجب عليه مصادقة البنات. قبل الخروج للعب خارج المنزل اعرضي عليه أن يلعب مع الفتيات، حتى يتعلم أنهم مساويات له.

bfde4af51df10be144dcd639644378d8

جهزي لابنك بيتًا مضادًا لرصاصات عدم المساواة، وكراهية النساء. اجعلي منزلك هو المكان الذي يبني فيه ابنك الدرع الحامي له من الذكورية. بهذا الدرع سوف يتدخل ليحمى امرأة تتعرض للتحرش، لن يصبح ضحية للبرمجة المجتمعية، سوف يكون فخورًا إذا كانت رفيقته أكثر نجاحًا منه، سوف يساعد زوجته بأعمال المنزل، لن يكبت ابنته بالحظر، و القواعد التي تنطبق عليها هي فقط، و ليس على أبنائه الصبيان. هكذا سوف يصبح ابنك نسوي، وسوف يصبح إنساني. أتمنى اليوم الذي تحرز فيه ابنتي هدفًا أن يصفق لها الأولاد ويهتفون. وأتمنى أننا في يوم من الأيام نعيد النظر إلى كلمات جلوريا ستاينهايم التي قالت “لقد بدأنا نربي بناتنا كما نربي أولادنا،” لتصبح المقولة ” لقد بدأنا نربي أولادنا كما نربي بناتنا” … ولكن قليلين هم من لديهم الشجاعة لتربية أولادهم الصبيان كما يربون بناتهم… فأرجوكِ، ابدئي بتربية أولادك الصبيان كما تربي بناتك.

قامت بتحرير المقال لمياء السنوسي
ترجمة النص من الانجليزية كارولين جورج

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

تم نقل الصور بهذا المقال من الانترنت. كل حقوق الطبع و النشر محفوظة لأصحاب هذه الصور**

أضف تعليق