في اليوم العالمي لمحو الأمية.. هكذا بدأت الحكاية

٨ سبتمبر ٢٠٢٢
كتبت: رضوى حسني

في ٨ سبتمبر من عام ١٩٦٦ أعلنت منظمة اليونسكو لأول اليوم العالمي لمحو الأمية، ومناهضة الجهل، ورفع وعي الشعوب، والمجتمعات المختلفة بحق أفرادها في التعليم. وإيمانًا بهذه المبادئ، وبدور التعليم في النهوض بالبلاد؛ لاقت الفكرة استحسانًا كبيرًا من قبل المجتمع الدولي في العام التالي، ومن حينها أصبح العالم يحتفل سنويًّا في مثل هذا اليوم بمسيرة أفراده نحو مجتمع أقل أمية، وأكثر ثقافة، وتعليمًا.

وإذعانًا لخطة الدولة في محو أمية الأفراد ضمن مبادرة “حياة كريمة بلا أمية” توجه الهيئة العامة لمحو الأمية، وتعليم الكبار كل جهودها في القضاء على صور الجهل، والأمية داخل القرى، والمدن المصرية لتقليص نسبتها بحلول عام ٢٠٣٠ تحقيقًا لخطة التنمية المستدامة التي تبتنها الدولة.

إذ بلغت نسبة الأمية في مصر، تبعًا لإحصائيات عام ٢٠١٧، نحو ٢٥.٨٪.

وعلى هذا الأساس كثفت الهيئة جهودها فقضت على أمية ١٠٢,١٩١ شخصًا بين العامين  ٢٠٢٠- ٢٠٢١، ونحو ١١٢,٠٠٠ شخصًا خلال العام الحالي.

كما وفرت الهيئة فرصًا لتدريب نحو ٥٨١٤٧ من المعلمين، والموجهين، والمتابعين الفنيين العاملين بها؛ لتمكنيهم من تنفيذ خطة الدولة في القضاء على الأمية في غضون المدة المتوقعة؛ لتصبح مصر بلا أمية. ناهيك عن تقديم فرص عمل للشباب الخريجين في مشروعات، وبرامج محو الأمية المنتشرة على مستوى الجمهورية.

وكعادة المجلس القومي للمرأة في حرصه على تقديم كافة فرص التمكين للمرأة المصرية، يضع المجلس على عاتقه مسؤولية محو الأمية بين سيدات مصر؛ إذ يقدم المجلس في فروعه المختلفة الندوات التي تحث السيدات على التعليم، والحصول على شهادة محو الأمية من خلال الاشتراك في الفصول التي يقدمها المتطوعون التابعون للمجلس القومي للمرأة.

ويأتي هذا ضمن مبادرة حياة كريمة، وخطة الدولة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠.

أكدت إحصائيات ٢٠١٤ الصادرة عن مركز التعبئة، والإحصاء بخصوص انتشار الأمية على أن ربع المواطنين يعانون من الجهل، وافتقار فرص التعليم في حين ٣٣.٦٪ منهم إناثًا، ويرجع السبب في ذلك هو ما تواجهه الفتاة من تمييز نوعي داخل المجتمع يمنع حصولها على واحد من أبسط حقوقها ألا وهو التعليم. 

فحتى وقتنا الحالي، ورغم مرور سنين طويلة من كفاح النسويات الأوائل لنيل الفتاة المصرية حقها في التعليم؛ إلا أن لا زال بعض أفراد المجتمع يجدون في تعليم الفتيات رفاهية لا ضرورة خصوصًا مع انتشار الفقر، وزواج القاصرات، وغياب الوعي بضرورة التعليم كحق أساسي ضمن حقوق الإنسان المعترف بها دوليًّا.

شهد التعليم في مصر القديمة ثلاث مراحل مختلفة، ومعبرة عن تطور عصورها الثلاثة، وهي:

– مرحلة بدء تعليم الفتيات في عصر الدولة القديمة، والتي شهدت على ميلاد أول قاضية مصرية.

– أما معدل انتشار التعليم بين الفتيات المصريات فارتفع بدخول مصر عصر الدولة الوسطى. 

– بينما بلغ ذروته في عصر الدولة الحديثة حيث أصبح التعليم إلزاميًّا على الفتيات منذ سن الرابعة لضمان مشاركتهن في المجتمع بمهنه المختلفة؛ لذا كانت تتعلم الفتيات الحساب، والرياضيات، والعلوم، والهندسة، وكذلك أساليب الكتابة الهيروغليفية، والهيراطيقية الدارجة وقتذاك في الحياة اليومية. 

أما في عصرنا الحديث، فعلى الرغم من بدء تعليم الفتيات منذ عام ١٨٣٢ بتأسيس مدرسة للقابلات، والولادة؛ إلا أن المدارس المنشأة بعد ذلك لم تكن سوى أجنبية، ولم تؤسس أول مدرسة حكومية إلا في عام ١٨٧٣، وكانت مدارس الفتيات تختلف في مناهجها عن مدارس البنين.

وفي عام ١٨٩٥ تأسست مدرسة عباس الأول الابتدائية بنات التي أتاحت للفتيات تعلم نفس المناهج الدراسية المقدمة للبنين، والحصول على الشهادة الابتدائية لأول مرة في عام ١٩٠٠.

وفي عام ١٩٠٥ بدأت المصريات يحصلن لأول مرة على دبلوم مدرسة السنية، والذي يتيح لهن العمل كمدرسات بالمدرسة بدلًا من نظيراتهن الأجنبيات، وكان ذلك بتعيين ملك حفني ناصف، وڤيكتوريا عوض. أما نبوية موسى فحصلت على الدبلوم في عام ١٩٠٦، وعينت بمدرسة عباس الأول الابتدائية بنات.

وبخصوص التعليم الثانوي، فتأسست مدرسة الحلمية الثانوية بنات عام ١٩٢٠ لتصبح أول مدرسة ثانوية للبنات، ومن أوجه التمييز النوعي حينها عدم تشابه المناهج المقدمة فيها مع المناهج التعليمية في مدارس البنين.

ورغم كل تلك الجهود المكللة بالنجاح، لم يكن تعليم الفتيات إلزاميًّا إلا بنص المادة ١٩ الواردة بدستور عام ١٩٢٣، والتي أقرت كحق أساسي للبنين، والفتيات.

وشهدت نهاية العشرينات إنجازًا آخر يحسب للمرأة المصرية في مسيرتها نحو انتزاع حقوقها، وكان ذلك بالتحاق أول خمس فتيات لجامعة القاهرة، جامعة فؤاد الأول سابقًا، هن: سهير القلماوي، فاطمة سالم، زهيرة عبد العزيز، نعيمة الأيوبي، وفاطمة فهمي.

ومنذ إقرار الدولة بمجانية التعليم في عام ١٩٥٢، ارتفعت نسبة التحاق الفتيات بالجامعات بين العامين ١٩٥٢ و١٩٨٠ من ٨.٢٪ إلى ٣٢.٦٪. وذلك إن دل على شئ فيدل على زيادة نسب التحاق الفتيات بالجامعات؛ ولكن بالمعدل البطئ الذي لا يتماشى مع كل هذه السنوات الطويلة من الكفاح، والنضال النسوي، ويرجع السبب في ذلك إلى المعوقات الاجتماعية التي تجابهها المرأة داخل المجتمع، والتي تحول بينها وبين أبسط حقوقها في الحياة، وأهمها ألا وهو حقها في التعليم.

**إذا أعجبتك هذه المقالة، اشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق