ميرنا ميخائيل بدأت بلعب دور شطرنج مع نجيب محفوظ .. و انتهت بتصميم لوحة تكتونيكس لمدينة القاهرة! 

٣٠ توفمبر ٢٠٢٢
ميرنا ميخائيل

حياة المدينة مليئة بالحركة والحكايات و الكفاح و الترفيه.. ولاسيما ان كانت هذه المدينة هي القاهرة.. قاهرة حافلة بالطبقات التاريخية و الثقافية و الاجتماعية .. قاهرة المعز .. جوهرة الشرق.. مصر المحروسة

منذ طفولتي كنت ومازلت شخصية بصرية .. وذلك مرهقا بدنيا ونفسيا.. ولكني فخورة به .. اترجم كل كلمة مقروءة .. كل لحن وموسقي وصوت .. و رائحة الى صورة .. الى رسم في خيالي ولد وعاش.. واضيف له البعد الرابع .. الزمان .. وكل ذلك مجتمعا .. لا يمثل شيئا اذا نقصه العنصر المكاني .. المكان ! العمارة بالنسبة لي كانت ولاتزال دائما تمثل هذا الحس المكاني الذي يحوي كل ذكريات وطبقات الحنين..

عند مروري بشوارع القاهرة ..تجتاح عقلي ذكريات كثيرة.. ويبدأ خيالي في تجسيد طبقات الزمن والتاريخ ..التحولات والتجاعيد التي جعلت من مباني صماء جمالا وعمقا..

واجسد ذكريات الفرح والطفولة .. الحزن .. الصداقة .. الحب .. كيف حدثت في ذاك الوقت وفي نفس المكان!

شكرا للعمارة وللأماكن التي تعيد بعث ذكرياتنا الجميلة

لقد استغرقت القاهرة قرنًا من الزمان لتتحول إلى مدينتين متميزتين كما هي عليهما اليوم: المدينة العربية القديمة في الأحياء الشرقية (القاهرة الفاطمية) والمدينة الأوروبية الحديثة في المناطق الغربية (القاهرة الخديوية).

تقع احداث اللوح الفنية في القاهرة العربية الفاطمية…قاهرة نجيب محفوظ تعتبر المصدر الرئيسي للإلهام لهذا العمل. في هذا العمل، تتمثل الحارة مجازيًا بالقهوجي وصانع النحاس والخبازات وبائع الخبز الفقير. 

تم اختيار اسم المشروع ، “Tectonics ” ، والذي يشير وفقًا للقاموس الانجليزي إلى الطبقات التي تشكل قشرة الأرض ، لأنه يحتوي على معنى مزدوج ، حيث يمكن استخدامه أيضًا للدلالة على إيقاع أو نمط معين.

 هذا المعنى المزدوج مفيد حقًا للنهج المجازي للمشروع.

هؤلاء الناس هم قلب المدينة. إنهم يشكلون جزءًا كبيرًا من النمط الحضري لها، وأي إهمال أو تعصب تجاههم سيكون له آثار سلبية. 

لطالما كان لمدينة القاهرة صدى فريد لنجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل. إنها عنصر حاسم في كتاباته، حيث شكلت القاهرة الهام لكل كتبه وقصصه القصيرة تقريبًا بالإضافة إلى انها شخصية مميزة في أعماله الدرامية.

 لطالما كان الأشخاص الحقيقيون رائعين بالنسبة إلى نجيب محفوظ مثل الشخصيات الخيالية التي خلقها في الثلاثية وزقاق المدق.

الشطرنج هو هواية مفضلة لدى سكان الطبقة المتوسطة والدنيا في الأماكن المذكورة أعلاه وهو أكثر من مجرد لعبة. إنه بمثابة تمثيل مصغر للطبقات الاجتماعية والاقتصادية. يمثل الشطرنج تمثيلًا للحياة اليومية. على الرغم من أن اسماء قطع الشطرنج تبدو قديمة اليوم ، إلا أنها تمثل نفس الطريقة التي عاش بها عامة الناس والأرستقراطيين منذ أعوام بعيدة. نتيجة لذلك ، فهي تمثل أيضًا طبقات القاهرة Tectonics 

العساكر على رقعة الشطرنج تمثل الحرفيين أو العمال.

و نظرًا لأنهم أكثر عددًا من أي قطعة أخرى، فغالبًا ما يتم التخلي عنهم للدفاع عن القطع الأكثر قيمة.

تتكرر أنماط الشطرنج باستمرار في جميع الرسوم ، وفي كل مرة تحمل استعارة مختلفة اعتمادًا على موقعها على الرسم ، مما يسمح للجمهور بتفسيرها بطريقته الخاصة.

بيني وبين محفوظ كانت لعبة طويلة .. تشاركنا القصص .. قصص أناس “أناس حقيقيون”.

طبقات تتداخل ، تنهار ، تبادل ..

الشطرنج كان لعبة .. حرفة .. مستوى اجتماعي .. وقاعدة ودعم ..

رقعة الشطرنج كانت القاهرة .. وكانت القاهرة رقعة شطرنج .. حيث كان القلب مزدحمًا ولكنه حقًا قوي وديناميكي ومتنوع ..

أطراف رقعة الشطرنج كانت محجوزة .. فارغة .. ضعيفة ..

لانه بدون قلب “حي” .. ستنتهي اللعبة ..

ميرنا ميلاد ميخائيل، مهندسة معمارية، مصممة جرافيك وفنانة بصرية. حصلت علي بكالوريوس هندسة معمارية من الجامعة الألمانية، وهي شغوفة بالتصميم بكل تفاصيله لانها تؤمن بان كل شيء ما هو الا تصميم.

ميرنا لديها اسلوب فني متميز وطريقة فريدة في اعمالها. فهي تستخدم فقط الاشكال الهندسية البسيطة والخطوط في رسوماتها وتصميم اعمالها ولها العديد من الاعمال: اغلفة كتب نجيب محفوظ، شخصيات الليلة الكبيرة، طوابع اسبوع الآلام، محمد صلاح وغيرهم 

**إذا أعجبتك هذه المقالة، اشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق