متحف الطهي المصري | د. ليلي الغلبان

١ ديسمبر ٢٠٢٢
د. ليلي الغلبان

أذكر كيف كانت والدتي رحمة الله تعالى عليها تضيف البامية الجافة إلى الحبوب أثناء الطحين كي تعزز طعم الخبز الطيب .. وكيف كانت تصنع شعرية يدوية أو باستا  بلغة هذه الأيام تفوق الإسباجتي في الطعم. كما كانت تؤجر آلة ضخمة من الحديد تسمى دولاب الشعرية  لعمل خزين البيت منها،  كان خزين الشعرية يمثل جزءا مهما من معاش البيت مثل خزين الأرز والقمح والذرة.. تقوم بتجفيفها تحت أشعة الشمس ثم في الفرن؛ كي تحفظ الحزين من السوس لاستخدامه من العام إلى العام ..وكانت ربات البيوت يتسابقن في استئجار هذا الدولاب في موسم صنع الشعرية بعد حصاد القمح مباشرة. هذا الطقس اختفى من البيوت مثله مثل العديد من الوصفات والأكلات.. ولم يجد من يوثقه أو يحتفظ بأحد هذه الدواليب قبل اختفائها.

أتذكر أيضا طرق عجن الدقيق  وما تتطلبه من جهد كبير في “طب” ولت العجين برفعه إلى أعلى وفرده داخل الإناء بطريقة تجعل الهواء يتخلله. كما لا ننسى الأدعية والذكر المصاحب لعملية العجين والخبز والتخزين.

تذكرت ذلك أثناء مطالعتي لخبر فريد من نوعه. يقول الخبر إن السلطات الإيطالية قررت إنشاء متحف للمطبخ الإيطالي يوثق وصفات الطهي وأدوات المطبخ عبر العصور.. ويهدف لإحياء الأطباق التاريخية، مثل أول وصفة على الإطلاق لصلصة الطماطم الإيطالية، من أواخر القرن السابع عشر.

أعجبتني فكرة إنشاء متحف للطهي وفوجئت أثناء بحثي على الإنترنت أن المتحف الإيطالي ليس الأول من نوعه، إذ سبقت إليه بلدان أخرى لديها ولع بتراثها في الطهي وتناول الطعام. منها تركيا والتي يمثل المطبخ التركي واحدا من عوامل الجذب السياحي المهمة وأيضا لمحبي الطبخ حول العالم..  وهناك  عدد من متاحف الطهي في تركيا..في إسطنبول وغازي عنتاب وأنطاكية كما يقدم المتحف التركي دورات للطهي التقليدى.

المطبخ الفرنسي كان أيضا له نصيب.. حيث أقيم متحف الطهي الفرنسي في مدينة ليون منذ عدة سنوات ضم  قوائم طعام ووصفات وأفلاما، فضلًا عن معروضات تفاعلية يمكن من خلالها أن يعرف الزوار المزيد عن أطباق الطعام حول العالم.

وفي العام الماضي ثم افتتاح متحف الطهي الكوري في مدينة أنصونغ بمقاطعة كيونغ كي بغية مساعدة الحالمين بالعمل في مجال الطهي. كما يقوم المتحف بتسجيل إنجازات الطهاة الذين ساهموا في تقدم صناعة الطهي في البلاد.

وفي متحف الشوكولاتة في كولونيا في ألمانيا تأخذك العروض باللغتين الإنجليزية والألمانية  في رحلة إنتاج الشوكولاتة بدءا بأشجار الكاكاو الحية وصولا إلى  إنتاج الشوكولاتة.

ومن متاحف الطعام الشهيرة أيضا متحف المكرونة”النودلز”  الياباني حيث يوثق مراحل تطورها، ويُعطى المتحف فرصة لزائريه بتجربة طهى المكرونة بأنفسهم والحصول عليها في نهاية جولتهم.

وتتيح عادات الطهي في أى مجتمع لنا فرصة لقراءة تاريخه وتفصح لنا عن الكثير من العادات وطرق التفكير والظروف الاقتصادية والسياسية وعلاقة الإنسان بالبيئة والكائنات في زمن ومكان ما.

وعادات الطهي  والأكلات المصرية بما لها من عراقة وتنوع وتناغم مع البيئة وخصوصية تستحق أن تجد لها متحفا يروي للأجيال كيف عاش المصريون عبر السنين ..

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق