شرين سالم تدرب السيدات الـ”وين – دو” للدفاع عن النفس ضد التحرش

الأربعاء ١٦أغسطس ٢٠١٧
كتبت – جيلان الشاذلي

Schirin 3sm
شرين سالم

مبادرة إجمدي والتي أسستها شرين سالم وصديقتها إميلين لفندر عام ٢٠١٣ بالقاهرة، تعمل على تمكينِ المرأةِ من مواجهةِ التحرشِ، وذلك من خلالِ تنظيم فعاليات يقمن من خلالها على تعليمِها اللياقةِ البدنيةِ والتدريبِ على الدفاعِ عن النفس. و منذ تاريخ إطلاقها وحتي الآن قامت المبادرة بتنظيم فعاليات فيما يزيدَ عن ٥ محافظات.

نشأت شرين سالم  في ألمانيا لوالدٍ مصرىٍ، ومنذ صغرها كانت دائما ما تتعرض للتحرش أثناء زياراتها السنوية لمصر، وعندما تحدثت عن تلك المشكلةِ مع أقاربها  كانت نصيحتُهم لها بأن تتجاهل تعليقات وأفعال المتحرشين وهم “حيسيبوها في حالها”. ولم تقتنع شيرين بتلك النصيحة، بل وجدتها طريقةً سلبيةً لا تساعدْ على مواجهةِ وحلِّ هذه المشكلةِ المزمنة. وقد كان حضورِها لتدريبٌات الـ “وين دو” و ممارستها له منذ سن الثالثة عشرة له تأثير كبير في عدم إقتناعها برأي أقاربها. والـ “وين دو” هو نوعٌ من فنِّ الدفاعِ عن النفسِ مُوجَّهٌ خِصيصًا للسيدات؛ وقد قام زوجان في كندا بتطوير هذا الفن الدفاعي عام ١٩٦٤ لمساعدة السيدات في مواجهة العنف، بعد وقوع جريمة قتل بشعة في نيويورك راح ضحيتها سيدةٌ أمريكيةٌ.

وكلمة “وين دو” هي مزج لكلمة امرأة باللغة الإنجليزية وكلمة “دو” والتي تعنى طريقة باللغة اليابانية، ومنذ نشأته انتشر هذا الفن من كندا إلى أمريكا وأوروبا و – وبمساعدةِ شرين سالم والحاصلة علي شهادة مدرب “وين دو” –  مصرَ أيضًا.

_DSC0101
إيفيلين لافندر

وقد نشأت فكرة “إجمدى” علي إثر مناقشةٍ بين شرين سالم و صديقتِها  إميلين لفندر حول كيفيةِ إيجادِ حلولٍ لمشكلةِ التحرشِ فى مصر. وفى ذلك الوقت كانت رياضة الـ”زومبا” – وهى نوعٌ من الرقصِ الرياضى – منتشرةٌ بِشدةٍ فى مصرَ وكانت تحظى باهتمامٍ كبيرٍ من قبلِ السيداتِ والفتياتِ، مما شجَّعَ إميلين – وهى مدربة “زومبا” – على العملِ مع شرين لخلقِ برنامجٍ يجمعُ بينَ الـ”زومبا” و الـ”وين دو”. وتهدف فقرة الـ”زومبا” إلى تشجيعِ السيدات على الاهتمامِ باللياقةِ البدنيةِ والثقةِ بالنفسِ وعدمِ الخجلِ من أجسامِهم، بينما تتضمَّنُ فقرة ال”وين دو” على أساليبَ الدفاعِ عنِ النفسِ معتمدةٌ على القوةِ الجسديةِ و تقنيات الحوار الدفاعي وعلى كيفيةِ تجنُّبِ المواقفِ الخطرةِ ؛ وذلك إلى جانبِ مناقشاتِ القضايا النفسيةِ والاجتماعيةِ والقانونيةِ الخاصَّةِ بالدفاعِ عن النفس. ويحظى الجزءُ الخاص بالدفاعِ عن النفسِ من خلالِ استخدامِ الأساليبَ القتاليةٍ على٣٠-٥٠٪ فقط من تركيزِ فنِّ الـ”وين دو” حيثُ أن النسبة الأكبر من التركيز تنصب على معرفة أساليبٍ تفادى المواقفِ الخطرةِ والهروبِ منها. وفى نهايةِ التدريبِ تقومُ كل متدربةٍ بكسرِ قطعةٍ من الخشبِ بيدِها مما يعطيها الشعور بالقوةِ فى مواجهةِ المتحرشين.”

img_7597a.jpg

ومنذُ أول فعالية أقامتها مبادرة “إجمدى” اشتركت معهم جمعياتٌ عديدةٌ مثلَ جمعيةِ “نظرة” للدراساتِ النسويةِ “وجمعيةِ خريطةِ التحرشِ” وكذلك “جمعيةِ هى مصر”، بدعم من جمعيةِ التضامنِ الاجتماعىِّ الألمانيةِ “GIZ” ومن السفارةِ الألمانيةِ وهيئةِ الأممِ المتحدةِ للمرأةِ وأيضًا من شركةِ تيميز ومراكزَ “سامية علوبة” الرياضية. وبمساعدةِ كلِّ تلك الجمعياتِ والمؤسساتِ انتشرت أنشطةُ “إجمدى” فى محافظاتِ الإسكندريةِ والمنصورة. وفى العام الماضى تم تنظيمُ خمسِ فعاليات بجامعةِ قنا، بحضورأكثرُ من خمسمِائةِ متدربة. وبفضل الاهتمامِ الشديد برياضةِ الـ”زومبا” استطاعت “إجمدى” أنْ تجذبَ عددًا كبيرًا من السيداتِ للتدريب ليس فقط علي فن الـ “وين دو” ولكن أيضا ليصبحن مدربات له.

10424292_304260856446369_4514806214354097205_n
إجمدي في المنصورة

ومن أكبر المفاجآت التى واجهت شرين سالم فى بداية مشوارِها مع “إجمدى” هى مدى صعوبةُ إقناعِ العاملينَ بحقوقِ المرأةِ والباحثينَ فى قضيةِ التحرشِ  بجديةِ هذا النشاط. فمعظمُهم كانَ لا يتخيل أن دروسَ رقصٍ وقتالٍ يمكنُ أن يواجهان تلكَ الظاهرةُ بشكلٍ جدى. ولكن شرين والتي تؤمن أنَّ بجانبِ الاجتماعاتِ والندواتِ والدراساتِ التقليديةِ يجبُ أن يكونَ هناكَ أسلوبٌ أو طريقةٌ أكثر تفاعلية تمنح المرأةَ القوةُ لمواجهةِ تلكَ المشكلة، تمكنت من إقناعهم. وبالفعل ساعد الجمعَ بين نشاطٍ مرحٍ مثلَ الـ”زومبا” مع تدريبات الـ “وين دو”  على أنتشارِ نشاط “إجمدى” وشَجَّعَ الكثيرُ من السيداتِ على حضورِ التدريبات.

وتحظى “إجمدى” بمساندةِ و دعم الكثيرُ من الرجالِ الذين يأتون بزوجاتِهم وأخواتِهم وبناتِهم لحضورِ التدريباتِ حتى يتمكن من الدفاع عن أنفسهن والتصدى لهذهِ الظاهرةِ المسيئة. وقد قامت فرقةُ “اراب لييج” الشهيرة بموسيقي الراب بتسجيلِ أغنيةٍ لتستخدِمَها “إجمدى” فى تدريباتها بهدفِ إلهام المتدربات وتشجيعَهن.

BAS_4539

ومن أكثرِ المواقفِ المؤثرة التى تتذكرها شرين سالم  منذ إطلاقها المبادرة هي عندما تمكنت إحدي المتدربات من التصدي لمتحرش بها بإستخدام أسلوبًا تقني تعلمتهُ فى أولِ درسٍ لها، مما جعل المتحرش يعتذر لها فى النهاية؛ وبعدها قررت هذه المتدربةُ الحصولَ على شهادةِ مدربٍ لفنِّ الـ”وين دو”لمساعدة المزيد من النساء علي التصدي للمتحرشين.

ومن التجاربِ المؤلمةِ التى تُواجهُ المدرباتِ هى حينَ يُسألن عن كيفيةِ التصدى للتحرشِ والعنفِ المنزلي وذلك يُذكِّرُ شرين دائمًا بمدى صعوبةِ التحدياتِ التى تُواجهُ المرأة المصرية.

1509126_304257056446749_2051890083580644794_n

وتعتمدُ مبادرة إجمدي على داعمينَ ورعاة لتنظيمِ الفعاليات التي يتمُّ من خلالها تدريبُ السيداتِ والفتياتِ بدون مقابلٍ مادي. ولكن فى بعضِ الأحيانِ – عندما لا يتوفرُ الدعم الكافى – يُطلب من الحاضراتِ رسوم إشتراك. ويقوم بالتطوع جميع المشاركين في فعاليات “إجمدى” من مشرفين ومصورين، وكذلك يقوم الرعاةُ والداعمين بالتبرعِ بالأجهزةِ لتستخدم خلال الفعالية بلا مقابل.

10481929_304252863113835_4060502828867929431_n

ولان مبادرة “إجمدي” هي نشاط تقوم به شيرين سالم وإميلين لافندر الي جانب عملهما الأساسي، فهن ليس لديهن الوقت الكافي للبحث عن رعاة لتنظيم فعاليات  كثيرة. فى هذا العام قامت جمعيةُ التضامنِ الاجتماعىِّ الألمانيةِ “GIZ” بدعمِ وزارةِ الشبابِ والرياضةِ لتُوفرَ تدريب “وين دو” بمراكزِ الشبابِ فى محافظاتِ القاهرةِ والجيزةِ والمنصورة. ومن خلال هذا الدعم ستستطيعُ الفتياتُ فى تلك المحافظاتِ من الحصولَ على فرصةٍ للتدريبِ بلا مقابل. وتأملُ شرين بخلق المزيد من الفرص المماثلة وتوفير رعاة و داعمين مختلفين يساعدوها علي إقامة فعاليات مجانية لمبادرةِ “إجمدى”، علي الأقل مرتين سنويا، لتدريب المزيد من السيدات علي الدفاع عن النفس.

للمزيد عن أنشطة “إجمدي” زوروا صفحتهم علس فيس بوك

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق