تحرش إنبوكس

الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧
كتبت – سلمي محمود

o-CYBERHARASSMENT-facebook

عدوى التحرش انتقلت من الشوارع إلى شاشات الانترنت، الذي كما له الكثير من الإيجابيات التي يستفيد منها الكثيرين، إلا أن عليه أيضا الكثير من السلبيات التي استغلها البعض في إيقاع الأذى والضرر لمن حولهم.

شباب في مختلف الاعمار يجلس كلا منهم خلف جهاز الكمبيوتر ممسكا “بكيبورده” ليبدأ في مضايقة الفتيات إما عن طريق ابتزازهن أو تهديدهن أملاً في الإيقاع بهن، هؤلاء الشباب ذوي العقول المريضة يلجئون لتسلية وقتهم، بدلا من استغلاله في شيء مفيد، باللعب بأعصاب الفتيات والتعدي على خصوصياتهم وابتزازهم لا لشيء سوى المتعة والتسلية.

يمارس كلا منهم التحرش بطريقته الخاصة، فمنهم من يكتفى برسالة متطفلة يقتحم بها حياة الفتيات بدون استئذان ويتعدى بها علي خصوصياتهن املاً في أن تقع أيا منهن فريسة تحت يداه يسلى بها وقته الفارغ. وهناك البعض الذي لا يتوقف الامر عندهم عند مجرد رسالة مزعجة ومتطفلة إنما أحيانا يصل الامر إلى احتواء تلك الرسائل على تهديدات أو إيحاءات جنسية صريحة، وربما صور وفيديوهات تخدش الحياء. وهناك أيضا المحترفين منهم الذي يسرقون الصور الشخصية من حسابات الفتيات الخاصة ويهددونهم بنشرها في صفحات وجروبات تحمل أسماء يندى لها الجبين، أو بتركيبها على صورة خادشة للحياء، أو بعمل حسابات مزيفة واستخدامها في اصطناع محادثات خادشة للحياء يقومون بتصويرها وابتزاز صاحبات الصور.

قد يرى البعض أن الامر لا يستحق كل هذا الهراء والخوف، وإن الامر قد يتوقف بمجرد حظر المتحرش والتخلص منه ومن إزعاجه المستمر، هذا ما ظننته أنا أيضا في البداية، وسرعان ما أدركت خطئي بعدما أدخلتني احدى الصديقات في جروب على الفيس بوك يساعد الفتيات في التصدي للمتحرشين والايقاع بهم. في هذا الجروب وجدت ما لم أكن أتوقعه من المتحرشين الذين يستخدمون طرق أبعد بكثير من تصورنا للإيقاع بالفتيات وابتزازهم، ووجدت أيضا كما كبيرا من الفتيات اللاتي عانين الكثير بسببهم.

تعيش الفتاة التي تتعرض لمثل هذا الموقف أياماً صعبة وتعاني فيها من الخوف والحيرة عاجزة عن التصرف. هل تخبر والداها؟ هل سيصدقانها ويساعدنها أم يلقوا باللوم عليها؟ هل تطلب مساعده أحد أصدقائها؟ هل سيلبي ندائها؟ أم سيخذلها ويتركها تواجه المجهول بمفردها؟ هل تتجه للسوشيال ميديا لتساعدها، أم سيأتي البعض ليلقى باللوم عليها لأنها هي من وضعت صورها على الانترنت وأعطت للمتحرش فرصه للإيقاع بها؟

يستخدم المتحرش هذه الأساليب لثقته أن علاقة الاهل أو كبار السن بالتكنولوجيا محدودة، لذلك ففرصة تصديقهم للفتاة ستكون ضعيفة، حتى لو كانوا يثقون بها ثقة عمياء. هو يعلم أيضا أن الخوف في تلك المواقف يكون هو المسيطر الأكبر عليهن، فربما تخشى الفتاة الفضيحة إذا تكلمت وفضحت أعماله، وسيخشى أيضا أصدقائها مساعدتها حتى لا يلقوا نفس المصير، هذا بالإضافة الي وجود “المبرراتية” الذين يُخَطئون صاحب الحق وينصفون المخطئ، هؤلاء ستجدهم يلقون بعشرات الأسباب للوم الفتاة، فهي من تركت صورها على الانترنت، أو هي من تحدثت مع المتحرش من البداية، أو ربما يشككوا في تعرضها للتحرش من الأساس! المهم أن الحكم في النهاية سيجرم الفتاة ولن ينصفها. لكل هذه الأسباب ربما ترضخ الفتاة للمتحرش والذي بعد ذلك يبدأ في محاصرتها ونصب شباكه حولها املاً في الإيقاع بها كفريسة ليحصل منها على ما يريد كالمال أو المتعة أو حتى تسلية وقته الفارغ برؤيتها تعاني والتلذذ بألآمها.

يجب التفكير جدياً في حلول للتخلص من هذه الجرائم الإلكترونية، المساعدات المطروحة توفر حلولاً مؤقته فقط لتلك المشكلة، فحتى لو تم إيقاف جميع حسابات المتحرشين عبر السوشيال ميديا وحذفت كل الفتيات صورهن فسيجد المتحرشين العشرات من الطرق الأخرى لإيذائهن والايقاع بهن. ولخطورة هذه الظاهرة وللمساعدة في محاربتها، قامت وزارة الداخلية بتوفير رقم طوارئ* مخصص للابلاغ عن معاكسات وابتزازات الانترنت، كذلك يمكن الإبلاغ عن هذه الجرائم عن طريق الموقع الرسمي لوزارة الداخلية*، او في مقر الوزارة في مصر الجديدة.

ويجب نشر قنوات الإبلاغ تلك في كل وسائل الاعلام لتعريف الجميع بها وتشجيعهم على اتخاذ تلك الخطوة حال تعرضهن لأي مضايقات. كذلك يجب تخصيص دورات وحملات توعية لكيفيه التعامل مع هؤلاء المتحرشين، وهنا يأتي أيضا دور الاعلام في عرض واظهار تلك الجرائم وفضح المتحرشين، حتى يصبحوا عبرة لمن تسول له نفسه اقتحام خصوصية الاخرين والتعدي على حريتهم، كما يمكن استغلال تلك الظاهرة أيضا في الأفلام والمسلسلات والكتب وحتى الندوات لعرض تلك الجريمة البشعة والتنديد بها، وأخيرا يجب أن يتم تعديل القوانين ليصبح التحرش بكل أنواعه جريمة كبرى لا تقل في عقوبتها عن الجرائم الأخرى كالقتل والاغتصاب.

يجب سرعة علاج تلك الظاهرة قبل انفلاتها، فتصبح الكارثة التي قد تدمر حياه الكثيرين، امرا عادياً نعتاد عليه كغيرة من المآسي التي أصبحنا نعيش معها في مجتمعنا.

للإبلاغ عن جرائم الإنترنت:

١- الإتصال برقم الطوارئ ١٠٨
٢- الإتصال بالارقام الخاصة بمكافحة جرائم الحاسبات:

٠٢/٢٧٩٢١٤٩٠
٠٢/٢٧٩٢١٤٩١
٠٢/٢٧٩٢١٤٨٧
إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق