عزيزتي الفتاة: لا تتزوجي

الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨
كتبت – سلمي محمود

bddd-2462-45e8-aa6f-d6a48c841aeb

منذ أن تبلغي العشرين من عمرك، في مجتمعنا، أو ربما قبل ذلك بسنوات، تحيط بك من كل صوب وحدب كل من تحمل لقب “طنط؛” سواء كانت قريبة لك، صديقة لوالدتك، جارة قديمة نَسيت وجودها، سيدة ربما رأيتها مرة واحدة في حياتك في إحدى المناسبات، أو ربما لم تريها من قبل. تحاصرك عيونهم وتلاحقك ألسنتهن، تخنقك أسئلتهن المتواصلة التي لا تنتهي، وتنهال عليكِ نصائحهن الذهبية التي تجعلك  تشعرين وكأن العالم صغر حجمه وتضاءل للدرجة التي جعلته يدور كلياً حول موضوع واحد ولا غيره، وهو “الزواج”.

الكل ينظر إليكِ وكأنك دمية يتسابقن على تحريكها على أهوائهن، تنحصر نصائح الجميع في كيفية اصطياد العريس المناسب أو كيف تصبحين “ست بيت” تجيد طهي أشهى الأصناف، ويتحاكى الجميع بقدراتك العظيمة على القيام بالأمور المنزلية من (غسيل وكنس..) دون كلل وملل، مرورا بالطرق الملتوية لاجتذاب أعين الرجال أملاً في الإيقاع بأحدهم.

o-WOMAN-IN-MESSY-KITCHEN-facebook

تحيطك أسئلتهم حول إن كان هناك حبيب مجهول قد أخفيته عن انظارهن، مرورا بالتلميح حول زواج فلانة – والتي غالبا ما تكون قريبة لك وتصغرك بعده أعوام، من شاب يتمتع بكل المواصفات القياسية، من وجهة نظرهن – وفلانة هذه استطاعت الإيقاع بعريسها فقط لسماعها نصائحهن الذهبية. التلميحات والنصائح يصاحبها أيضا الدعاء لأن تجدى من هو أفضل منه، أو التلميح بوجود قريب لهن يحتاج عروس لها مواصفات معينة غالبا ما تكون مواصفاتك، يا لحسن حظك!

وأحيانا لا يكتفون بالتلميح والدعاء فقط، بل يضعونك أمام الأمر الواقع ليعلنن ترشيحك للعريس المنتظر، الذي للصدفة البحتة يحتاج عروس، رأين هن أنكِ الشخص المناسب، ليعلن ميعاد قدومه لرؤيتك، وكأنك بالفعل دمية لا ترى ولا تسمع ولا تقدر حتى أن تتحدث!

BLAIR-WALDORF-GOSSIP-GIRL-WEDDINGربما لا يعيرك ما يقولونه اهتماما كبيرا، ربما يمر مرور الكرام دون أن يشغل حيز كبير من تفكيرك، ربما تنشغلين بالتفكير به في أوقات فراغك، وربما يسيطر على تفكيرك بالكامل للحد الذي يجعلك تفكري بالموضوع برمته لتبدئي بسؤال نفسك ومن حولك عما الذي قد يدفعك لاتخاذ قرار صعب مثل الزواج؟ حينها ستجدين مبرراتهم دائما حاضرة تتمثل في أن الزواج سنة الحياة ونصف الدين، وبدون الزواج لا توجد حياه، وبأن الله أمرنا به لأعمار الأرض، وأنه يعفى الرجل والمرأة من الوقوع في الخطأ، وغيرها من الأشياء التي غالبا لن تقنعك.  فهل إن لم تتزوجي ستنقرض الحياة على وجه الأرض؟ وإن كان الزواج يعفينا من الخطيئة فلماذا نجد أزواج يخونون أزواجهن؟

تأتي أجوبتهن صادمة وغير مقنعة ولا تنطلي عليك، فبالتأكيد السبب الذي قد يدفع شخص لاتخاذ قرار صعب ومصيري مثل ذاك ليس فقط لأنه سنة الحياة ويجب أن نفعله. وهذا قد يدفعك إلى التفكير من زاوية أخرى، عن الدافع وراء الرغبة في عدم الزواج؟

لا تتزوجي إن لم تكوني غير مستعدة وقادرة على اتخاذ تلك الخطوة، فالزواج أشبه برحلة شاقة طويلة، وبمجرد إقلاع الطائرة لن تستطيعي العودة إلى نقطة البداية، وحتى إن قدر لك العودة لن تكوني نفس الشخص!

لا تتزوجي هرباً من العنوسة الزائفة، ولا لتتخلصي من أحاديثهم المريضة ونظراتهم المسمومة. لا تقدمي على هذه الخطوة فقط لأن جميع من حولك تزوجن. تذكري إنك وحدك من سيتحمل نتيجة الاختيار وانتِ من سيدفع الثمن في النهاية حال لم تحسني الاختيار. لا تتزوجي لترضيهم فتخسري حياتك مثلهم!

لا تتزوجي إن لم تجدي من يناسبك، لا تتنازلي عن مواصفات فتى أحلامك لأنك فقط تجاوزتِ الثلاثين من عمرك! تقدمك في السن عزيزتي لا يعني ابداً أن تفقدي حظوظك في الاختيار أو أن تصبحي “فرز تاني،” فالحياة تبدأ بعد الستين في الخارج لماذا ينهوها هم في الثلاثين؟

2diana-1لا تتزوجي من هو أقل منك اجتماعياً وثقافياً وحتى مادياً، حتى وإن كنتِ هائمة في حبه، فالحب لن يصنع لكِ العشاء عزيزتي! تذكري دائما أن الحب وحدة لا يكفي لزواج ناجح، فبدون التوافق، وحتى وإن كنتما تعيشان قصة حب سنيمائية عنيفة، سيتحول حبكما هذا إلى الدبة التي قتلت صاحبها، فالزواج مثله مثل أي فرصة إن لم تدفعك خطوة للأمام فلا داعي لها.

لا تتزوجي من يهينك، من يقارنك دائماً بمن هن أفضل منك في وجهة نظرة ليفقدك ثقتك بنفسك، من لا تجديه بجوارك في الازمات، من يحطم طموحاتك ويعيقك عن تحقيق أحلامك. ابتعدي عنه حتى لا تقعي ضحية لزواج فاشل يغرقك في الأسي وتتحولي معه إلى دمية شبه حيه تخشى الحديث وتترحم على أيام الماضي. لا تستمعي لأحاديثهم المعسولة بانه سيتغير ليصبح زوج مثالي بعد الزواج، فالرجال في مجتمعنا لا يتغيرون سوى للأسوأ عزيزتي!

لا تتزوجي إن لم تحققي طموحاتك بعد، إن لم تعملي في وظيفة أحلامك، إن لم تسافري، إن لم تعيشي حياتك كما تريدين وكما خطتي لها، فصدقيني إن لم تفعلي قبل أن تدخلي في تلك الدوامة لن تفعلي ابدا، لا تصدقي أحاديثهم بأنك بإمكانك تحقيق كل شيء بعد الزواج، فحتى في الأفلام العربي الرخيصة لا يحدث ذك!

لا تتزوجي إن لم ترغبي في الزواج من الأساس. لا يهمك من أحاديثهم شيء ولا تعيرك نظراتهم اهتمامك. الزواج هو اختيار أنت وحدك مسئولة عنه، وانت وحدك من ستتحملينه في النهاية. وتذكري أن قانون العالم لن يتغير إن فكرتي في العيش وحيدة دون زوج.

لا تتزوجي لتعيشي حياة روتينية مملة خالية من الشغف والمتعة بحجة ان الجميع يعيش نفس الحياة وأن هذا هو الزواج. لا يا عزيزتي، الزواج لا يعني أن تفقدي متعتك في الحياة، أن تنسي كونك أنثي في ريعان شبابها تريد من الحياة أشياء أخرى غير الكنس والطبخ وتربية الأطفال.

forced

لا تتزوجي من يمنعك من الحياة، من يبعدك عن أصدقائك وأهلك وأقاربك، من يعزلك عن العالم بأسره ليضعك في قمم مغلق لا يخرجك منه الا وقتما شاء بحجه غيرته عليكِ لتصبحي وحيدة لا سند ولا ونس لكِ في الحياة، من يجعلك تتركين عملك وحياتك السابقة بحجة خوفه عليكِ، لتتركي الضامن الوحيد لكِ في الحياة!

أخيراً فكري مراراً وتكرارا قبل اتخاذ تلك الخطوة فانت فقط من سيتحملها وسيدفع ثمنها غالياً. لا تتنازلي عن دراستك، أحلامك، عملك، حياتك. لا تتسرعي ارضاءً لأحد، دافعي عن كل ما تملكين بكل ما أوتيت من قوة، كافحي لأجل النجاح والحياة. لا تقبلي بأشباه الرجال ولا بأي رجل يطرق بابك فقط لتتخلصي من أحاديث العواجيز التي تسمم أذنيك كل يوم. لا تتزوجي لتسلكي نفس الطريق الذي يسلكه الجميع.

تزوجي فقط لأنك تريدين الزواج، عندما تكوني متأكدة من قرارك، عندما تجدى من يناسبك، من ترضينه زوجا تكملي معه بقية حياتك. وتذكري في النهاية أن الزواج ليس نهاية المطاف؛ فإن كنتِ مستعدة له فافعلي وإن لم تكوني فاكملي حياتك واستمتعي بها كما تريدين وألقي بأحاديثهم الفارغة خلف ظهرك، فأن يفوتك القطار خير من أن يدهسك!

   **إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق