دعوة قهوة مع سبق الاصرار

الأحد ١٩ أغسطس ٢٠١٨           كتبت – إيمان يحيي

couple-coffee

في عام ٢٠٠٦، عرض الفيلم المصري “اوقات فراغ” والذي كان يستعرض بشكل كبير حياة الشباب الجامعي آنذاك. وخلال احداث الفيلم قام أحد الطلبة بتصوير زميلته دون علمها ونشر الصور على الانترنت. وبالرغم من بشاعة التصرف وانتهاك الخصوصية، ألقي بطل الفيلم وصناع العمل باللوم بالأساس على الفتاة لانها لم تكن ترتدي ملابس محتشمة، وهذا كان الدافع الرئيسي لقيام الشاب بتصويرها، فلو انها كانت محتشمة ما استطاع هذا الشخص تصويرها.

وفي المسلسل الامريكي الشهير  Thirteen –  13 Reasons Why  والذي يعكس حياة الطلبة في الولايات المتحدة، تناولت الاحداث نفس الموقف،  التقاط صورة للفتاة دون علمها وممارسة التنمر عليها مما دفع البطلة للانتحار.

“لم تكن ترتدي ملابس محتشمة.. تأخرت في الحفلة الي وقت متأخر.. تعيش بمفردها.. طريقة لبسها تعكس رغبتها في جذب الشباب…”

هل تبدو هذه التعليقات مألوفة بالنسبة لك؟

اعتقد بنسبة كبيرة ان الاجابة ستكون نعم.

القاء اللوم على الضحية للاسف وباء متفشي في كل المجتمعات، ويظهر للسطح مع كل حدث، وقد ظهر جليا بعد موقف “التجمع” عندما حاول شخصين التحرش اللفظي باحدي الفتيات، والتي قامت بدورها بتصويرهم، مما سبب هذا انزعاج واسع لدي قطاع كبير من المجتمع؛ رجاله ونساؤه، مما أدهشني شخصيا كيف لكل هؤلاء ان يلوموا البنت بل ويسرقوا صورها الشخصية من حسابها ويبنوا قصصا وهمية بناء على لا شيء!

الامر بسيط! فتاة تقف في الشارع – لا نعلم بالمناسبة ماذا كانت ترتدي وان لم يكن مهما أصلا – وجاء شخصين متحرشين وحاولوا مضايقتها وعرض توصيلها او التطفل عليها بإلحاح لتناول قهوة سويا وفروا هاربين بمجرد معرفة انها تقوم بتصويرهم.

هذا تحرش … نقطة.

القاء اللوم على الضحية بالاساس امر نفسي بحت، ولا يختلف باختلاف الثقافات والاماكن. اللوم على الضحية تُشعر الشخص بالرضا عن النفس لكونه يعلم في داخله انه مسئول بشكل غير مباشر عما حدث، وكلنا بالفعل مسئولون لتخاذلنا وسكوتنا في معظم الأحوال. وعندما يُلقي باللوم على الضحية، يشعران المشكلة نابعة من الضحية وليس منه او من توابع تخاذله.

القاء اللوم على الضحية يشعر الناس بالأمان الداخلي لاعتقادهم بهذا انهم لن يتعرضوا لموقف مشابه، إما لأنهم لن يرتدوا هذه الملابس او لن يتأخروا في حفلة، او ما الي ذلك، وبالتالي هم في مأمن من التحرش.

عزيزتي الفتاة التي التقطت الفيديو، انتِ شجاعة.. قام اشخاص بالتحرش بك ولم تصمتي و لم تتخدي موقفا سلبيا، و سامح الله كل من خاض في سيرتك، و لك مطلق الحرية في مسامحتهم او لا.

 **إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق