رائدات الصحافة في مصر في بداية القرن العشرين

الخميس ٢٣ أغسطس ٢٠١٨                 كتبت – رضوي حسني

-21تُعد مصر أُول الدول العربية، وكذلك تتصدر قائمة بعض الدول العالمية التي نادت سيداتها وفتياتها بالمساواة الاجتماعية و النوعية،  لنيل ما لهن من حقوق و إعطاء ما عليهن من واجبات بالصورة المثلى التي خُلقنَ عليها و من أجلها. و بالرغم من أن بداية الشعلة الثورية النسائية كانت على أيدي فتاة الشام هند نوفل، والتي أسست مجلة الفتاة عام ١٨٩٢، أول مجلة نسائية في مصر تتعرض لقضايا المرأة المختلفة، لكنها إنطلقت من الإسكندرية، مستقرها الأمن، في مصر، والتي انتقلت اليها عائلتها عام ١٨٧٠ عندما كانت هند في العاشرة من عمرها. فمصر هي التي رحب مفكريها و صحافييها و بناتها المثقفات من عامة الشعب، بفكرة المساواة الاجتماعية و الفكرية بين الرجل و المرأة، وضرورة مشاركة المرأة للرجل في مختلف مضامير العمل. فكانت مصر هي الأرض الخصبة لإنبات الثورة النسائية. و كما هو لكل فكرة رائد يؤمن بها، و يتولى نشرها، و ثائر يخوض معاركه الفكرية من أجل تحقيقها فعلياً على أرض الواقع، كان للعمل الحقوقي النسائي أيضاً رائداته و ثائراته، و فيما يلي سنتناول بعض من أبرز الأسماء اللامعة في عالم صحافة المرأة في مصر:

جميلة حافظ

357a08055d967112db617d66ace8260b

هي أول رئيسة تحرير مصرية و صاحبة مجلة الريحانة، والتي بدأت في إصدارها عام ١٩٠٧. وُلدت جميلة حافظ و نشأت في مدينة حلوان، و إلي جانب نيلها قسطاً جيداً من التعليم مكَنها من تكوين رأيها الفكري المستقل، كانت أيضا مطلعة جيدة على كافة الصحف و المجلات التي كانت تُصدر وقتذاك، وقد ساعدها ذلك ايضاً في طرح رأيها من خلال مشاركتها بكتابة عدد من المقالات في بعض الصحف، وبذلك تشكل وعيها الاجتماعي و الثقافي و أيضاً السياسي. و كانت جميلة حافظ من أوائل المستجيبات لنهضة الحركة النسائية في مصر، لتصبح عضواً فعالاً بها، حتى جاءتها فكرة إصدار مجلة الريحانة، والتي كانت أول مجلة نسائية تصدرها سيدة مصرية، كذلك كانت كل محرراتها سيدات مصريات.

فاطمة نعمت راشد

68703543c42acd630aa1a4f69ec26768

هي أول سيدة مصرية تؤسس جمعية نسائية للمصريات في عام  ١٩٠٨. و أطلقت عليها إسم جمعية ترقية المرأة. و كان هدف الجمعية الأسمى هو إعلاء كلمة المساواة بين الرجل و المرأة، و توعية المرأة بحقوقها و واجباتها. و ذلك من خلال البحث في شئونها و قضاياها. و العمل على تعليمها و تدريبها، , حتى تستطيع أن تميز بين أوضاعها الاجتماعية، و بين الواقع الذي تعيشه وما يجب أن تعيشه و تكون عليه. كما أنها أصدرت مجلة ترقية المرأة،  لتقوم من خلالها بنشر أفكار و مبادئ الجمعية.

ملكة سعد

item_XL_3794497_692808

كانت ملكة سعد إحدى المصريات اللاتي امتهن الصحافة. و قد أصدرت مجلتها الجنس اللطيف عام ١٩٠٨، و يرجع السبب الرئيسي في بزوغ فكرتها و إيمانها بها إلى عملها السابق بالتدريس. و قد كان لها رأيها الواضح في تحرر المرأة، و هو أنه على المرأة قبل أن تفكر بالتحرر الجسدي أن تتحرر أولاً عقلياً و فكرياً من كل المفاهيم الخاطئة و الأعراف و التقاليد، التي تضر شخصها و نفسها في المقام الأول قبل مجتمعها. كما أن التاريخ سيشهد أن مجلتها الجنس اللطيف هي أول من نادت بتأسيس جيش أسمته جيش الفضيلة، لينزل إلى الشوارع و الطرقات و يحمي النساء من الشباب المتسكع في الطرقات و الذي يخدش حياءهن لفظياً. و إلى جانب هذا كان لملك سعد دورا بارزا إبان ثورة ١٩١٩، حيث شاركت في تنظيم المظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزي آنذاك.

منيرة ثابت

94266_highlight-min-880x577

 منيرة ثابت هي أول صحافية نقابية مسجلة بنقابة الصحافيين, كما أنها اول سيدة تكتب في السياسة، و أول سيدة  ترأس تحرير جريدة سياسة.

و عُرفت منيرة ثابت بفكرها الحازم، وكانت مؤمنة بأفكارها حد السماء، فلم تكن لتتراجع ابداً عن آرائها أو تتهاون في تنفيذها. و هي صاحبة أول رسالة يرسلها مواطن مصري لنواب برلمانه، الذي أُسِّس في عام ١٩٢٤. كما أنها عارضت الدستور المصري في عام ١٩٢٣، لأنه حجب نظره عن حقوق المرأة المصرية في العمل السياسي. و بهذا أُعلن لأول مرة بشكل واضح عن ضرورة مشاركة المرأة الرجل في ميادين السياسة كناخبة و نائبة منتخبَة داخل البرلمان. وتأكيداً على مبادئها وأفكارها، قامت بإصدار كتابها الأول بعنوان حقوق المرأة السياسية، ليفي بالغرض المرجو، ألا و هو المطالبة بحق المرأة في العمل السياسي. و ُيذكر أن منيرة ثابت حصلت على درجة الليسانس في الحقوق من المدرسة الفرنسية بالقاهرة، و بهذا تكون أيضاً أول فتاة تحصل على هذه الشهادة، وكانت اول محامية مصرية تقيد في قائمة المحامين أمام المحاكم المختلطة في ذلك الوقت.

دائماً ما تُبرهن المرأة  المصرية على سبقها و نجاحاتها في مختلف الميادين الحياتية، و هذه الأسماء السابق ذكرها ما هي إلا دليلاً على أن المصرية من أوائل من طالبن بحقوقهن لبلوغ كل مقاصدهن. وبجانب هؤلاء السيدات ما زال هناك الكثيرات اللاتي كان لأدوراهن أثر امتد حتى وصل لزماننا بل و سيتخطاه ليظل تأثيره قائما علي الأجيال القادمة.

المصدر: كتاب صحفيات ثائرات للكاتب إسماعيل إبراهيم

23666605_978100439008106_116312332_n

رضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية.  تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

 

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

One comment

اترك رداً على رغد إلغاء الرد