“أبو شنب”.. والوجه المظلم من النساء

الجمعة ٢١ سبتمبر ٢٠١٨                    كتبت – سلمي محمود

dreaming-ghost-monsters-1000x576

أطلت علينا السيدة “منى أبو شنب” مؤخرا بتصريح جديد من تصريحاتها الغريبة والشاذة، والتي تتعمد من خلالها إثاره الجدل، فبعد إطلاقها لمبادرة تعدد الزوجات بحجة القضاء على العنوسة وخفض حالات الطلاق، واتهامها لسيدات مصر بإن ٩٦٪ منهن خائنات، وتشجيعها لظاهرة التحرش بإلقاء اللوم على الفتيات بحجة إن لبسهن الملفت هو مايدفع المتحرشين إلى مضايقتهن، بالإضافة إلى مطالبتها المتحرشين بتصوير الفتيات بعد التحرش بهن، جاءت هذه المرة بتصريح اكثر شذوذاً، حيث وجهت رسالتها للأزواج مطالبة إياهم بضرب زوجاتهن حال تجاوزهن معهم أو مخالفتهن اراءهم، واستطردت قائلة “ولو مش عاجبها بالسلامة تروح عند أمها، ولو اتمردت اتجوز عليها علشان تتعدل”.

678912تعتمد “أبو شنب” على وظيفتها الإعلامية، كوسيلة للظهور المكثف وخلق فرقعة إعلامية. وهي لا تترك أي فرصة الا وتستغلها بنشر تلك الاراء والتصريحات المريضة المثيرة للجدل، أملاً في تحقيق الشهرة وتسلق سلم النجومية. هذا بالإضافة إلى تدني مستوى بعض الإعلامين الذين يخصصون فقرات في برامجهم لنشر تلك الآراء الشاذة كوسيلة لزيادة نسب المشاهدة ورفع أسهم برامجهم دون أي مراعاة لآداب واخلاقيات المهنة. كذلك تعتمد “أبو شنب” على استمالة بعض أشباه الرجال الذين يستغلون كلامها في ترويج الاكاذيب ومداومة اضطهاد الفتيات.

استغلال الاراء الشاذة كوسيلة لتحقيق الشهرة لم يعد غريباً اليوم في زمن استحل المرء فيه فعل أي شىء مهما بلغ من سوء وتدني املاً في الحصول على حفنة من “اللايكات” وعدد لا بأس به من “الشير.” ولكن الغريب هنا هو انسياق العديد من الفتيات وموافقتهن على الآراء المحرضة ضدهن، والتي يخوض بعضها في شرفهن، وهو ما يتعارض مع الفطرة السليمة التي يفترض أن تنفر الفتيات من تلك الآراء، وتعارضها وتحارب انتشارها، وليس العكس.

لم تستوقفني تصريحات أبو شنب بقدر ما استوقفني موقف الداعمات لها من السيدات، فإن كانت هي تفعل هذا حباً في الظهور الإعلامي واملاً في شهرة رخيصة زائفة، هم يؤيدونها اقتناعاً بتلك الآراء الشاذة والمريضة. وعلى الرغم من المحاولات المضنية التي تبذلها الجمعيات الداعمة لحقوق المرأة والمنظمات المحلية والعالمية، وحتى المحاولات الفردية من سيدات هدفهن أن تحصل كل “آنثي” على حقوقها، الا انه مازال هناك سيدات يعادين أنفسهن، ويشجعن من تريد لهن الذل والمهانة، ويعارضن من تحارب لأجل رفع شأنهن وحصولهن على حقوقهن.

image-1462399866835.png

هؤلاء السيدات لا يتركن أي فرصة تستهدف منح السيدات حقوقهن الا وحاربنها بشدة، ولا تبرز أي امرأة في أي مجال الا وطالتها سهام النقد والتجريح وربما التشكيك في شرفها والتنكيل بها، وبمجرد المطالبة بتعديلات في بعض القوانين التي تعارض حرية المرأة وتسلب حقوقها تجد أصواتهن المعارضة  تعلو علي أصوات الرجال. الحقيقة لم افهم يوماً لماذا ترفض أي امرأة قراراً يخدم مصلحتها ويرفع قدرها في المجتمع؟، لماذا تحارب امرأة مثلها فقط لأنها اتبعت مسارا مغايرا لما تتبعه هي؟ لماذا يثبتن مقولة “عدو المرأة هي المرأة نفسها” والتي حاولنا مراراً تكذيبها والتملص منها؟

اعلم إن من هؤلاء السيدات من تحذو حذو “أبو شنب” وتنشر تلك الافكار والآراء الشاذة فقط لإثارة الجدل وتحقيق الشهرة، حتى ولو على حساب حقوقها وحقوق الكثيرات من بني جنسها، ولكن للاسف هناك أخريات يفعلن ذلك اقتناعاً بالنظرة الدونية للمرأة، والتي نشأن عليها وسُممت اذانهن بها لعقود طويلة، وهن يعتبرن طاعتها للرجل فضيلة واستقامة، ومن تسير عكس التيار وتحاول الحصول على حقوقها فهي آثمة. ليس هذا فقط، بل هن يحاولن بشتى الطرق احباطها لتعود عن طريقها وتصبح نسخة مكررة منهن، لا نفع منها ولا ضرار، فهن يجهلن أن لهن حقوق مثلما عليهن واجبات، يجهلن أن عليهن دور كبير في المجتمع وبأن يجب عليهن أن يشاركن في كافة المجالات المتاحة لاثبات ذاتهن وتحقيق النجاح والتميز، يجهلن أن المرأة لا يجب اختزال دورها في المنزل وحجبها عن الحياة العامة، وإنما هناك أولويات عدة في الحياة تجعل منها إنسانة أفضل، وبأن هناك أهداف اسمي من مجرد السعى وراء “العريس” إرضاءاً للمجتمع والناس.

هناك أيضاً من يعادين مبدأ حصول المرأة علي حقوقها ذاته بحجة إنه يتعارض مع الدين، وذلك عملاً بمبدأ بعض رجال الدين ” الغير صادقين”  الذين سمموا اذان الكثيرات باحاديثهم المغلوطة باستخدام منطق “دس السم في العسل،” والذي استخدموه لسنوات طويلة لإقناع المرأة بأن المطالبة بحقوقهن مخالف للدين، وإن كل من تطالب بحقوقها المشروعة فهي “آثمة” تريد نشر الفتن والفجور في المجتمع،  ويجب محاربتها والتصدي لها بقوة، مستخدمين في حربهم تلك كافة الطرق المتاحة، سواء باللين واللعب على وتر المشاعر أو بالهجوم واستخدام اللهجة الحادة والتكفير باسم الدين، رغم إن الدين لم يتعارض يوماً مع الحرية والمساواة، إنما امر الله في كل كتبه السماوية بإعطاء كل ذي حق حقه دون تفرقة أو تمييز بين الاناث والذكور.

320176194115745

ونجد هناك بعض السيدات من تعرضن للقهر فقررن ممارسة نفس الأسلوب مع الاخريات، يحبطن عزائمهن، يلقين باللوم عليهن في أي موقف يتعرضن له، يخرسن السنتهن حتى لو كانت في الحق، ليصبحن مثلهن مجرد “ظل” يعمل في صمت بعيداً عن الأعين لا يجادل، لا يناقش، ولا حتى يتحدث. واخيراً هناك من تحاول إثارة إعجاب الجنس الأخر، املاً في الايقاع بأحدهم، وذلك بتقمصها صورة الفتاة المثالية التي تكرس حياتها لخدمة بيتها، تطيع الأوامر دون مناقشة، وتهاجم حقوق المرأة وحريتها، وتحارب كل من تساندها؛ هي أشبه بشخصية “روقة” الأنثى المطيعة لزوجها، والتي قامت بأداء دورها الفنانة نورا في فيلم العار، والتي أصبحت نموذج الزوجة المحبب لكثير من الشباب في المجتمعات العربية ليمارس عليها ذكوريته دون مقاومة ولا معارضة منها.

الحقيقة بدأت افكر في كم سيدة من أمثال منى ابو شنب تعيش حولنا، تحبط عزائمنا، وتضيع حقوقنا التي حاربنا أعواما طويلة لأجلها،  وكانت السبب في عودتنا مئة خطوة للوراء بعد أن تقدمنا خطوتين للأمام؛ هي الام التي نشأت في مجتمع ذكوري، وعانت من سلطة ابوها، وتحكم اخوها، وتسلط زوجها، لتكبر وتمارس نفس التمييز ضد ابنتها، فتربيها على الخنوع والضعف وقبول الذل والإهانة وتحبط عزيمتها وتعوقها عن النجاح؛ وهي الزوجة التي سمم رجال الدين  أذنيها لسنوات بالطاعة المطلقة وقبول الاهانة والعنف، لتعود وتمارس نفس الأسلوب مع الأخريات؛ وهي قريبتك التي لا تلقى فقط باللوم عليك إذا هجرك زوجك أو تزوج بأخرى أو تعدي عليك بالضرب، وتقنعك بان الخطأ خطأك، فربما استفزتيه أو ناقشتيه “لا سمح الله” أو لم تكوني كافية له، بل وتعطيك أيضا بعض النصائح التي تجعلك تتقبلي الأمر وتتجاوزيه.

photo-2وهي كل سيدة تجلس في المواصلات العامة تلقى باللوم والمسؤولية عليك إذا تعرضت للتحرش، هي كل سيدة لا يهمها انجازات البطلات الرياضيات بقدر اهتمامها بالتعليق على ملابسهن الرياضية المكشوفة مع وعيد وتهديد لهم بنار جهنم، هي كل فتاة تهاجم وتشكك في نجاح الفتيات الاخريات. وهي أيضاً كل امرأة تهاجم وتسوق الأكاذيب ضد كل “فيمنست” تعمل على حصول النساء على حقوقهن.  هن السيدات اللاتي يصدعوننا يوميا بأحاديثهم البالية عن التعدد وفوائده، وعن الطاعة المطلقة وعدم جواز معارضة الزوج أو مناقشته. هن كل من يهاجمن عمل المرأة ويشجعن عزلها في المنزل بعيداً عن الاعين، ويتعاملن مع أنفسهن على أنهن فرز ثاني لا وظيفة لهن في الحياة سوى الطبخ والتنظيف وامتاع الزوج وإنجاب الأطفال، وهن يريدن ان يروا جميع النساء مثلهن.

اخيراً كلمة اهمس بها في أذن كل “المناهضات لجنسهن،” إن كان غرضك الشهرة وإثارة الجدل فهناك مئات الطرق الأخرى التي قد تقذف بك إلى أعالي سلم النجومية وتجعلك ملء السمع والأبصار، وبالتأكيد لا شيء اسوأ من ان تحققي شهرة زائفة على حساب حقوق نساء مثلك. أما إن كانت تلك قناعاتك فانت بالتأكيد بحاجة إلى إعادة النظر فيها، فلا تكوني مثل الدبة التي قتلت صاحبها، وتعادي امرأة مثلك لا ذنب لها سوى انها اختارت طريق مختلف عنك، وتشجعي قمع النساء الأخريات وسلب حقوقهن التي بذلن الغالي والنفيس لأجل الحصول عليها، وبالعكس لن يعود هذا بالنفع عليك يوماُ إنما سيكون ضرره أكبر بكثير.

31530792_2118869535025007_2375980014135934976_nسلمي محموذ

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني**

أضف تعليق