لنعط المرأة المصرية حقها

الأحد ١٩ مايو ٢٠١٩              ــ كتبت د. عزة رضوان، الاهرام اليومي

60715490_2365972680108079_8541103485314138112_n
الصورة نقلا من الانترنت – بلا مصدر

الدراسات الاستقصائية الغربية، التى تجرى عن المرأة المصرية ترسم صورة مفتعلة، فتصوِّرها بلا روح، مهزومة وخاضعة لإرادة الآخرين. تشككت دائمًا في استطلاعات، على سبيل المثال، طومسون رويترز أو جالوب بول حول مصر، لأن الأسئلة المطروحة وأساليب التحقيق والنتائج تثبت عدم مصداقيتها. حان الوقت لنحاسب القائمين بهذه الاستطلاعات ونكشف عدم دقة النتائج التي يسردونها

في استطلاع أجرته طومسون رويترز عام ٢٠١٣، اعتبرت أن المرأة المصرية وضعها الأسوأ بين جميع نساء الدول العربية، مع العلم بأنه في ٢٠١٣ المرأة في العراق وسوريا والسودان واليمن وليبيا كانت تعاني ويلات الحروب. وفي استطلاع ٢٠١٥ استنتج استفتاء جالوب بول أن المصريين غير سعداء إطلاقا، فكان ترتيب مصر الـ١٢٣ من ١٤٣ دولة شملها الاستطلاع. المضحك أن الأسئلة التي سئلت للمارة تضمنت: هل شعرت بالراحة أمس؟ هل ابتسمت أمس؟ هل ضحكت كثيرا أمس؟ من المؤكد أن من سألوا هذه الأسئلة العجيبة استمروا في طريقهم متجاهلين منفذي الاستطلاع تماما. في عام ٢٠١٧ صنفت طومسون رويترز القاهرة كأخطر المدن بالنسبة للنساء من قائمة ١٩ مدينة كبرى. نساء القاهرة قد يعتبرن هذا الاستنتاج غريبا، حيث يجدن القاهرة آمنة. ومع ذلك قد زارتني صديقة مكسيكية ذات مرة، وفي حركة لا إرادية، ولأن هذا ما تفعله في مدن أخرى، قامت بإغلاق نافذة التاكسي بسرعة تحسبا لأعمال عنف من المارة. أخبرتها آنذاك بأن المارة في القاهرة لا يؤذون. وأخيرا في استطلاع طومسون رويترز لعام ٢٠١٨، احتلت مصر المرتبة العاشرة في العالم فيما يتعلق بالعنف الجنسي. إن مثل هذه النتائج غريبة وغير قابلة للتفسير

لن نتعمق أكثر في هذه الدراسات الاستقصائية، لكن دعونا نقيِّم بأنفسنا ما اكتسبته المرأة المصرية في الآونة الأخيرة. أولاً: فلنحيى المرأة التي وقفت صلبة في ٢٥ يناير ٢٠١١ ولاحقًا في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، مطالبة بالتغيير جنبًا إلى جنب مع نظرائها الرجال. كما مارست المرأة المصرية حقوقها في جميع الانتخابات التي تلت بما فيها استفتاء عام ٢٠١٩ على الرغم من تحديات المسئوليات والجهد والشيخوخة والإعاقات الجسدية المختلفة. هؤلاء النساء أخبرن العالم بأنهن أسوة بالرجال في كل شيء

أرى تحولاً جوهريا لنساء مصر حتى البسيطات منهن. فاطمة، دعنا نسميها هكذا، تعيش في مكان ما في ريف مصر. عانت من الختان في صباها لكنها أيقنت عن طريق حملات التوعية التليفزيونية وخدمات المنظمات الأهلية، التي تدعو إلى القضاء على الختان، خطورة هذا العرف، واليوم تحمى بناتها من المرور بنفس المهانة. أنا أعرف من رفضن بإصرار السماح لبناتهن المرور في محنة الختان.

نشأت فاطمة بدون كهرباء وبنظام صرف صحي بدائي. اليوم لديها الصرف الصحي والكهرباء والمياه النظيفة أيضًا. كانت فاطمة أميّة لكنها تذهب الآن إلى فصول تعليم الكبار وتقرأ وتكتب، مما يمكنها الوصول إلى معلومات مهمة حول تربية الأطفال، وتنظيم النسل، والرعاية الصحية لأطفالها.

 استخدمت فاطمة مبادرة الإدماج المالي الجديدة ودعم المنظمات الأهلية للحصول على قرض استثمرته في شراء بقرة، حيث تبيع منتجاتها لتحسِّن من قدراتها وتزيد من احترامها لذاتها. لقد دفعت القرض بأكمله والقرض القادم سوف يذهب نحو ماكينة خياطة. وفقًا لجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر “تسيطر النساء الريفيات على ٥١ في المائة من إجمالي المشاريع الممولة من الجهاز، وأن النساء أصبحن محرِّكًا رئيسيًا للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم في البلاد”.  بالإضافة لذلك قد تكون فاطمة قد شُفيت من فيروس الكبد الوبائي مثلها مثل مليوني فرد في المجتمع المصري، عندما وفرت الحكومة المصرية العلاج لجميع المواطنين، أو من خلال مبادرة ١٠٠ مليون صحة، قد تكون فاطمة أدركت أنها تعاني بالفعل من فيروس س وقد تم وضعها على العلاج المناسب مجانا.

على الجانب الآخر من المعادلة لنلتقي بالنساء المصريات اللاتي تغلبن على جميع الحواجز في جميع المجالات، فقد انتزعت المصرية حقها مع تغيير المعايير المجتمعية. الآن تلعب المرأة المشرِّعة دورًا محوريًا في مستقبل مصر: ثماني وزيرات و٨٩ برلمانية ومحافظتان وستشكل البرلمانيات ٢٥ في المائة من البرلمان بعد تنفيذ استفتاء .٢٠١٩

رغم أن المصريات لم يصبحن قضاة بعد، فقد أصبحن طيارات محترفات ومهنيات وسيدات أعمال وضابطات في الشرطة، وقد كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة التمويل الدولية(IFC) عن أن الشركات المصرية التي تضم مجالس إداراتها نساء قد تفوقت على تلك التي تتضمن رجالا فقط. كما تعد السباحات المصريات ولاعبات التايكوندو ورفع الأثقال والسكواش من أفضل الرياضيات في العالم. وقد ذاع سيط النساء المصريات حول العالم كصانعات مجوهرات واقتصاديات ومغنيات أوبرا ومنتِجات حقائب نسائية تباع بآلاف الدولارات.

ومع ذلك، لا يرغب منفذو الاستطلاعات رؤية قفزات المرأة المصرية. أقترح عليهم إلقاء نظرة فاحصة أفضل، فالمرأة المصرية قادرة على فعل العجائب.

المصدر:

ahram

**إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

 

 

أضف تعليق