إنطلاق فاعليات مهرجان الكروشية الرابع بسوق الفسطاط

الاثنين ١٨ نوفمبر ٢٠١٩                كتبت ــ  مها قابيل

1
تصوير مها قابيل

“ستات مصر بتشتغل كروشيه” هذا هو الشعار الذي اطلقته داليا نبيه زكي احدى منظمات المهرجان الرابع للكروشيه والذي أقيم  بسوق الفسطاط في القاهرة في الفترة من ٨ الي ١٠ نوفمبر، ٢٠١٩. ويتوج مهرجان الكروشيه سعي مجموعة من النساء الشغوفات بهذا الفن الجميل، واللاتي يحلمن بانتشاره في ربوع مصر، حيث يملأ أوقات نساءها بعمل يدوي دقيق وجميل لا يخلو من تخطيط و تفكير وابداع. داليا وشقيقتها لديهما متجر صغير في سوق الفسطاط لبيع منتجاتهن من الكروشية. هذا المتجر الذي تستأجرانه يمتلئ بمشغولاتهن التي تتميز بالتنوع والثراء والطابع السياحي، حيث يسهل على السائح  اقتناء قطعة تذكارية مثل البرانيط والشنط  وميداليات المفاتيح و الدمي على شكل حيوانات متقنة الصنع، ذات ألوان مبهجة.

وأجرت معها  اللقاء مها قابيل.

سيدات مصر: متي بدأتي العمل بالكروشية وكيف جاءت فكرة هذا المهرجان؟

داليا نبيه: بدأت العمل بالكروشيه أنا واختي منذ أكثر من ٣٠ عاما، وعرضنا منتجاتنا بداية في مراكز الشباب ثم المحلات  والنوادي. استأجرنا محل بسوق الفسطاط منذ ثمان سنوات، أول محل متخصص في أشغال الكروشيه بالسوق، ولأن السوق غير معروف بشكل كبير قررت انا وزميلاتي عمل مهرجان للكروشيه، ومن هنا جت فكرة “ستات مصر بتشتغل كروشيه”. جمعنا السيدات اللاتي يعملن في هذا المجال، ممن لديهن مشروع قائم بالفعل، او ممن يرغبن البدأ في مشروع، وحتي من كانت لديها قطعتتن فقط دعوناها المشاركة، لتجتمع أكثر من سيدة على ترابيزة واحدة، وبذلك نشجع كل من تعمل بالكروشيه أنها تشارك. وخلال المهرجان نقوم بفاعليات مكثفة لمدة ثلاثة أيام؛ كروشيه فقط، سواء ورش مبتدئين أو محترفين، نعرفهم بأشكال الكروشية المختلفة من جميع دول العالم، فهناك الأفغاني والأيرلندي والتونسي، فحتى من يعملن في هذا المجال ينبهرن بالتنوع والامكانيات الكبيرة التي يتيحها العمل بالكروشيه، فلم يعد الأمر مقتصر على الأشكال المعتادة، ولكن هناك عالم واسع من المنتجات التي لا حصر لها.

d8b5d988d8b1d8a9-d8b1d8a6d98ad8b3d98ad8a95-e1574060641112.jpg
تصوير مها قابيل

س م: هل الزخم وتنوع المنتجات التي نراها على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تجد لها سوقا في مصر؟
د. ن: نعم, المنتج الجيد دائماً ما يكون له سوقاً، طالما السعر مناسب وفي متناول الجميع سيجد العمل الجيد المشتري. ومن خلال مشاركة ٣٢ سيدة في المهرجان هذا العام، وملاحظة انتاجهم، تم توجيه البعض منهن لادخال المزيد من الألوان أو زيادة عناصر بعينها عليها اقبال، حتي يجذب العمل الانتباه وتعم الفائدة.

س م: لاحظت من خلال حواري مع السيدات المشاركات أنهن يتمتعن بتعليم عالي. فهناك عدة مهندسات تركن عملهن و اتجهن الى الكروشيه لعشقهن لهذا الفن وهناك استاذة جامعية ايضاً، وغيرهن. فماذا عن الأقل حظاً في التعليم ، والأكثر احتياجا للعمل والدخل، كيف نصل إلى هؤلاء؟

د ن: هناك جمعيات تقوم بهذا الدور، فقد كانت فاتحة خير بالنسبة لي عندما طلبت مني إحدى الجمعيات التنموية تدريب سيدات معيلات، قمت بتدريبهن لكي يكون الكروشيه حرفتهن، بدأت مع ١٦ سيدة شكلنا معا فريق واشتغلنا سويا، وزاد العدد وكان هذا لصالح العمل.

احنا ممكن نعمل نقلة جامدة أوي، فوجود شخص مثل شيخ الحرفيين بيلم الناس مع بعض مع وجود جهة مسئولة تهتم بكل حرفة يدوية بشكل متخصص، فأكيد دة هيكبر الحرفة، والسوق كان بيعمل ده مع كل الحرف؛ في مهرجان الخزف مثلا بيحضر العاملين به من مناطق مختلفة لان كل منطقة بتعمل خزف مختلف، ولكن لا تسمح الامكانيات بتوفير سكن للقادمين من الأقاليم. وكذلك في حالة مهرجان الكروشيه، مثلا فيه عبير المتخصصة في التابيستري (زي طاقية بكار) جاءت من أسوان لأن لديها سكن هنا، وهو ما لا يتوفر للأخريات. وسيدة من سوهاج متخصصة في شغل المنسج استطاعت أن تأتي لتوفر السكن في القاهرة. لذلك عدم توفر السكن يمثل عائق في سبيل تجمع كبير من صاحبات الحرفة.

6.jpg
تصوير مها قابيل
جولة في مهرجان الكروشية

ومن ضمن ٣٢ مشاركة في المهرجان التقينا بستة مجموعات من السيدات المبدعات والتي لكل منهن منتج مختلف تماما عن الأخريات؛

التقينا مع هالة والتي تعمل إلى جانب الكروشيه أشغال يدوية أخري أشبه بالنسج على النول باستخدام البوم بوم،   وكذلك تنتج مفارش السرير ذات الألوان الدافئة والتي تستخدم فيها خيوط صوف فاخرة، وتجد هالة أن المهرجان فرصة لكي يعرفها العملاء، خاصة من يريد تجهيز ابنته بغطاء السرير الفاخر ماعليه الا الاتصال بها وطلب اللون المناسب.

وردا على سؤال عن كيفة اختيار المنتج الذي يلاقي رواج واستحسان المستهلك المصري، مع الوضع في الاعتبار قيمة الخيوط و ساعات العمل الطويلة، قالت هالة،”ابحث عما هو فريد و غير شائع مع العمل في الوقت نفسه على ما هومطلوب بكثرة مثل الكوفيات و الشال ..الخ،  لكن لابد أن يكون لكل فنان تميزه وبصمته.”

5-1
تصوير مها قابيل

وتعاني هالة مثل معظم فنانات الكروشية من ارتفاع أسعار الأصواف والخيوط خاصة مع عدم وجود منتج مصري والإعتماد بشكل كامل على الخيوط المستوردة. هالة تعمل بمفردها، ولكن الشائع في المهرجان هو وجود عائلات بأكملها تعمل بالكروشيه وخاصة أنها من الحرف التي تتوارثها الأجيال، فنجد الأم والإبنة، أو أختان تعملان سويا ، أو صديقتان جمعهما الشغف بالأعمال اليدوية.

فدا ووالدتها أميمة وأختها يعملن سويا في هذا المجال، وبدأت فدا بدراسة كورس كروشيه وقررت بعدها أن تحترف العمل في هذا المجال، والدتها أميمة هي مهندسة على المعاش تشغل وقت فراغها بالعمل مع ابنتيها، وشايفة أن “اللي بيحب يشتغل بايده بيشتغل أي حاجة يشوفها وعايز يجربها كنوع من التحدي، فأنا بالنسبة لي كل ده تحدي، فمثلا جبت نول من شهر تحدي اني اشتغل عليه وكمان اتعلمت ديكوباج وعملت لوحة في البيت ما كررتهاش، وباحضر كورس هنا من فاعليات المهرجان لتعليم الشغل على النول،  وشايفة أن اللي هيحط في دماغه أنه يحترف العمل اليدوى أكيد هيوصل و خاصة أن الشغل ده لسه مش منتشر اوي، ويعتبر المعرض فرصة مناسبة لأن الإيجار غير مكلف مثل معارض أخري تصل فيها ايجار متر الأرض لآلاف الجنيهات.” وتشير أميمة إلى أن نوعية زوار المعرض مختلفة عن الشائع لأنهم يأتون لشراء العمل اليدوي ويقدروا جهد كل فنان يعمل باحساسه “روحه في ايده” على حد تعبيرها، لذلك مفيش واحدة زي التانية.

???? ?????? 1.jp g
تصوير مها قابيل

وبالسؤال عن فكرة عمل دواسات للأرض من الكروشيه، وهل هي عملية في استخدامها، أجابت شيماء فكري، احدي العارضات،  أنها تستخدم خيط المكرمية وهو عملي جدا ويسهل وضع المنتج في الغسالة ، ويتمتع شغلها بجودة عالية وألوان جميلة. وتعتمد على استخدام غرز مختلفة لانتاجها، “لكن لابد يكون فيه تصميم بامشي عليه”. وبالسؤال عن فترة تدريبها، قالت شيماء أنها لم تأخذ وقتا كبيرا منذ تعلمها وحتي بدأت أن تنتج بالفعل.

تتميز منتجات أميرة اسماعيل بالبهجة لاستخدامها شخصيات يحبها الأطفال مثل مينيون لتزين الأيس كاب واللكلوك و القفازات للأطفال و الكبار المصنوعة كلها من الصوف، وتستخدم صديقتها زهراء خيط الكليم لعمل دواسات الأرضيات و مفارش للآواني الساخنة على مائدة الطعام، أو سلة مهملات، وغيرها  من المنتجات، وتقول أميرة، ” اوظف الخيط حسب الموسم، فكل موسم له مطالبه، فهناك الكريسماس اللي له منتج معين بألوان معينة تختلف عن عيد الأم هكذا. وتشتري الصديقتان أميرة وزهراء الخيوط بالجملة ليحققا هامش ربح كافي بدون الاثقال على العميل. أميرة تعلمت الشغل اليدوي في المدرسة وتابعت الممارسة بعد ذلك من خلال الانترنت والسوشيال ميديا. أميرة متفرغة لهذا العمل وسعيدة أن  تجد من يُقدر شغلها و “يرفع من روحها المعنوية”، ويدفعها للعمل بكل طاقتها بخلاف آخرين “يرون أننا ماكينات ويريدون شراء المنتج اليدوي بأسعار العتبة والموسكي”.

2
تصوير مها قابيل

والتقينا أيضا بالشقيقتين ولاء وأميرة؛ الاولي مهندسة والثانية أستاذة في كلية الفنون التطبيقية،  وتتميز منتجاتهما بالجرأة في استخدام مواد خام لدعم الشغل اليدوي لعمل سلال الخبز و أواني الحلوى “بونبونيرة” وغيرها. تقول أميرة أنها تعلمت من اليوتيوب وبدأت منذ أربع سنوات وعرضت أول أعمالها منذ سنتين ونصف فقط، ولجأت إلى اختها الفنانة أيضا لتساعدها ليبدعا معا هذه الأعمال الدقيقة المتعددة الألوان و الاشكال.

3
تصوير مها قابيل

وكانت أخر من التقينا بها هي سناء والتي تتميز أعمالها بالدقة و صغر حجم الغرزة لاستخدامها الخيوط القطنية سواء في مفارش الصالون الكلاسيكية او في الملابس الصيفية الأنيقة التي تزدان بغرز الكروشيه. وتؤكد سناء ان مفارش الصالون التقليدية التي كانت تستخدم في بيوت الجدات ليس فقط لازالت تستخدم حتي الآن، بل هي أيضا  رائجة جدا على عكس المتوقع لسهولة غسلها واستخدامها، بالإضافة ان كل قطعة يدوية هي قطعة فريدة غير متكررة، وأنهت سناء الحوار قائلة، “العمل في الكروشيه محتاج تعليم و تدريب والخطأ وارد فنتعلم منه و نجود الشغل، و التكرار مع تراكم الخبرة يصنع الفرق.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

2 comments

أضف تعليق