ما الذي تريده النساء؟

الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٩                 ــ كتبت: نهي اليماني

CV-yến

ما الذي تريده النساء؟ السؤال الوجودي الأشهر والأكثر بحثاً وتحليلاً على الإطلاق؛ لدرجة أنه تحول إلى أفلام وكتبت فيه كُتُب ومقالات وأبحاث. الشيء المشترك بين كل ما سبق أنه تم التعامل مع هذا السؤال بصيغة تعجبية كاريكاتورية ساخرة. كأنه مثلاً ماذا يريده كائن عجيب بثلاثة أرجل وخمسة عيون. التعامل مع سيكولوجية المرأة بصفة عامة دائماَ ما يأخذ منحى سطحي تجاه هرموناتها، وكونها ناقصة عقل ودين وكائن صعب ارضاؤه؛ مُتقلّب المزاج ويفتعل المشاكل، دائم الشكوى والشك والغيرة، ‘بيتدلّع’ ولا يُؤخذ على محمل الجد. غالباً يتم تصوير المرأة على أنها تطلب المستحيل بينما الرجل المسكين كائن مُتصالح مع ذاته، يرضى بأقل القليل، يستعد لمشوايره في ثلاث دقائق ويمتلك من الثياب ‘طقمين’ سعيد جداً بهم ويرتديهم بمنتهى التصالح مع النفس على عكس المرأة التي تضج خزانة ملابسها بالثياب ودائمة الشكوى أن ليس لديها ما ترتديه! تُسعِده قعدة القهوة البسيطة ولا يمارس ‘النفسنة’ على بني جنسه ولا ينمّ عليهم وينتقدهم.

الحقيقة أن ما تريده النساء بعيداً عن المنظور الهزلي الشائع، هو تماما ما يريده الرجل وما يريده أي إنسان طبيعي وإن كان هناك اختلافات بيولوجية فهذا لا يعيبها في شيء لأنه إذا تحدثنا من هذا المنطلق فالرجل أيضاً مختلف بيولوجيا، والأسد مختلف عن النمر والفيل والزرافة والكلاب والقطط والنملة والذبابة. الضرب في منطقة التكوين البيولوجي هو اعتراض على الخلقة والنظام الكوني، ولا أنكر أن بعض النساء بأنفسهن قد ساهموا من خلال مبالغاتهم وتصرفاتهم الخاطئة في تكوين هذه الصورة الشائعة وظلموا معهم الكثير من النساء الطبيعيين اللواتي لا يبالغن في الشكوى والتذمر والدلع والطلب الخانق المبالغ فيه للاهتمام او التصرف بطريقة سطحية والتعامل بها مع الكثير من الأمور.

لكن إذا أردنا أن نتكلم بشكل منطقي يمكننا أن ننظر من زاوية أوسع من ثُقب ابرة السخرية الضيق الذي نتعامل به دائماً. ما تريده المرأة على المستوى الإنساني هو ما يريده كل إنسان؛ حياة كريمة، ظروف اجتماعية سليمة، احترام لذاتها وطموحها وحقها في صحة جيدة وتعليم جيد وعمل تكون فيه شخص مُنتِج شأنها شأن أي كائن حيّ يسعى في الحياة ويؤدي دوره ويكفل لنفسه وأحياناً أسرته معه مصدر للرزق والقوت.

المرأة محتاجة اهتمام؟ عادي! الطفل يحتاج اهتمام، الحيوان يحتاج اهتمام، النبات يحتاج اهتمام، أي شيء لا يتم رعايته والاهتمام به يتأثر سلبياً ويعطي رد فعل مختلف باختلاف وضعه. الطفل بلا اهتمام سيمرض بدنياً ونفسياً ويكون غير سوي، النبات بلا اهتمام سيذبل، حيوانك الأليف بلا اهتمام في بلاد كثيرة يسحبوه منك ويعطوه لشخص آخر يستطيع أن يتفرغ له أكثر. أما الرجل بلا اهتمام ف ‘حيبص بره’ “وأصلها مش مهتمه بيا وانا من حقي اتجوز مرة واتنين وتلاتة واربعة و’روحي غيري في نفسك شوية علشان انتي مقصرة معاه واصبغي شعرك وظبطي نفسك'”.

رفاهية الغدر من عدم الاهتمام حق اصيل للرجل فقط، ومع ذلك هو دائم الشكوى من طلب المرأة للاهتمام.

المرأة تريد مساعده وسند؟ عادي! هل يوجد شركه مثلا أو مصلحة حكومية أو أي مكان عمل يعمل بموظف واحد؟! أكيد أن المسؤوليات لا بد أن تكون موّزعة بين مجموعة من الأفراد وتتم بمشاركة في أداء المهمّات.

لا أريد أن أكون منحازة لبنات جنسي، لكن فعلاً الأغلبية من النساء تؤدي أكثر من عمل في نفس الوقت داخل وخارج بيتها، وتكون مُطالبة بمسؤوليات كثيرة جدا مُرهقة ذهنياً وبدنياً لابد أن تنجزها وتظل حاملة إياها داخل رأسها وعقلها وقلبها تسير بها في كل مكان تفكر كيف تؤديها كلها بشكل سليم ومتوازي بدون أن يسقط منها شيئاً سهواً.

المرأة تطالب بحقوقها؟ شيء طبيعي جداً إذا تجنبنا المبالغة أو طلب ما لا يحق لها. أي كائن حي على وجه الأرض له حقوق مثل ما عليه واجبات ولا أحد عادةً يطالب بحقوق الا حين تكون فعلاً مهدورة أو تم التعدي عليها من آخرين. المرأة لها حقوق في حياة كريمة ومعاملة آدمية في الزواج والطلاق والمواريث والنفقة عليها وعلى اولادها، لكن عندما تحدث تعديات بدافع الطمع فيها أو استضعافها وأكل حقوقها فطبيعي جدا ستدافع عنها، وأكرر مرة أخرى بدون مبالغة أو طلب ما لا يحق لها.

لو أن حضرتك تعمل في مكان ما ولا تحصل على حقوقك أو تعمل ساعات عمل إضافي ولا تتقاضى بدل حتماً ستطالب بحقك. اذا تعرضت لأي تعدي على املاكك أو حقوقك ستطالب بحقك. حتى الطبيعة وسائر المخلوقات لها حقوق تضمن سلامتها وعدم انتهاكها، إذاً المطالبة المشروعة بالحقوق هي حق لكل كائن حي ولا يجب السخرية ممن يطالب بها سواء إمراه أو رجل أو أيّاً كان.

المرأة تحتاج أن تُسمع وُتقدَّر وتتشارك في حياتها مع من يرعاها ويحترمها ويعطيها حقها؟ وماذا في ذلك؟! طالما أننا رجال ونساء شركاء في هذه الحياة فطبيعي الشراكة لها متطلبات ومقومات أهمها وأبسطها التفاهم والاحترام. لو نظرنا بعين العقل ودون تسطيح للأمور، سنجد أن ما تريده المرأة – الطبيعية، الغير مُصطنعة ولا المُبالغة ومدمنة الاهتمام ودور الضحية – هو نفسه ما يريده كل كائن حي يتنفس ويمشي وينمو ويشعر؛ فدعونا لا نسطح الأمور ولا نضيّق زاوية نظرتنا وتفكيرنا ونتمادى في الموضوع كونه مادة خصبة للسخرية والهزل وأتمنى أيضاً لو أن المرأة نفسها تتقن احترام ذاتها ولا تقلل من نفسها بالمبالغات والادعاءات وكل التصرفات الاخرى الغير مقبولة فتعرّض نفسها للسخرية منها وتظلم معها بنات جنسها اللواتي لا ناقة لهن ولا جمل.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق