أسطورة الشرف | بقلم رشا سنبل 

الثلاثاء ١٢ مايو ٢٠٢٠              كتبت – رشا سنبل

96120358_162421051970791_3772781182127702016_o

53572971_2180797705347998_2171682593257291776_n
رشا سنبل

أعلن الممثل هشام صالح سليم، مؤخرًا في برنامج تلفزيوني، عن عملية عبور جنسي لابنه، فانهالت التعليقات المحفزة والإيجابية عليه بعد عرض البرنامج، أكثر ما لفت نظري، ماذا لو كان موضوع العابر جنسيًا ذكرًا تحول لأنثى! هل كنا شاهدنا تلك الحفاوة؟ أعتقد يعلم جميعنا الإجابة، فهناك نماذج أخرى مشهورة، تعرضت لتهكم وتجاوزات وصلت ببعضهن للانتحار والحجز في مستشفيات نفسية، وبالطبع كان سيكون من حظ الممثل، وابنته كثير من السخرية لو كان الوضع مختلفًا. ذلك لأننا ننظر للأنثى بشكل يختلف عما نرى به الذكر، بل ونعتبر ذلك تدينًا، فكثير من ردود الأفعال السلبية تتعرض لها النساء حين تنجب إحداهن أنثى، بالرغم من أن القرآن الكريم قد عارض تلك الفكرة، واستخف بتلك النماذج البشرية، التي تفرح بالذكر وتحط من شأن المرأة، كما في سورة النحل: “وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم” (60) –

إن مجتمعاتنا تقلل من شأن كل ما يتعلق بالمرأة، وأهمها جسدها الذي خلقها الله عليه، ونحاول أن نشوه حقها في تملكها له، وتمرر عبارات مهينة، ومستهترة بأجزاء معينة من جسد المرأة، في مفرداتنا اليومية، نجد هذا واضحًا في عبارات السباب بالشوارع، فمجرد ذكر المرأة أو الإشارة لها في شجارات الرجل مع غيره عادة ما يراد به شيئًا مهينًا للغاية، وأن أكثر أنواع السباب قسوة هو تشبيه الرجل بالمرأة، فنجد أجيالًا من الرجال ينشئون على احتقار كل ما هو أنثوي، وأجيال من النساء تتعلم كراهية أجسادهن واعتباره جزء من منظومة عار كبيرة.

لقد أكد آخر مسح دوري في مصر، كشف عنه المجلس القومي للسكان، أن هناك تأييدًا لختان الإناث بين الرجال والسيدات بنسبة حوالي 58%، وأن نسبة الموافقة على الختان أعلى من السيدات، ونصف السيدات يعتقدن أن الختان من تعاليم الدين، وهناك نسبة كبيرة ترى أن هذه العادة يجب أن تستمر رغم الآثار الجانبية الخطيرة لها. كل ذلك تحت مزاعم الحفاظ على شرف المرأة وطهرها، رغم أنه اعتداء صارخ على جسدها، فليس وظيفة الختان هو الطهر، كما يزعم البعض، بل هو اعتداء جبريًا على جسد طفلة وتشويهه، للحد من شهوتها! فالختان وظيفته منع المرأة من الشعور باللذة، لأن المرأة في نظر مجتمعنا ليس من حقها التمتع، فهو فساد بالنسبة للبعض، وخروج عن الآداب العامة، رغم أنه حق بديهي وبيولوجي خلقه الله فينا. ومن العجيب أن نجد المرأة هى المسؤلة الأولى عن عفة الرجل والحفاظ على شرفه، فلو سألنا سؤالًا عشوائيًا لأي شخص ٍعربي عن مترادف لكلمة الشرف، سيتبادر لذهنه، أمه أو أخته أو زوجته، أو ابنته، أو أي أنثى في محيط دائرته، لكن لن يرد في خاطره أن يذكر نفسه، وكأن الشرف شيئًا متعلق بالنساء فقط! ومحمل على عاتقها. ولا أفهم ما الذي يجعل لرجل ما علاقة بممارسة أو مظهر أنثى في محيط عائلته، وألا تكون هى المسؤل الأول والأخير عن نفسها وعن اختياراتها، لأنها انسان بالغ عاقل، له الحق في الإختيار، والحساب.

إنها ممارسات تتسم بالتناقض والتحقير، لأنها مبنية على أن هناك جنس فوق جنس، ويظهر ذلك جليًا في كل مفردات وتفاصيل حياتنا، منذ الولادة حتى الممات، بل ويوجد اتفاق جمعي على تلك التفرقة، ونلبسها شرعية مؤكدة بردها إلى الدين، لنشعر بعدها بالراحة، والفخر! غاضين الطرف عما قاله تعالى في سورة النحل: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً “97، فلم يستثنى جنس عن آخر للحياة الطيبة، بل أرادها الله لنا جميعا، ذكورا وإناثا، سواء بسواء.

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق