هابي فالانتين- عيد الحب المصري | رضوي حسني

١٣ نوفمبر ٢٠٢٠
كتبت – رضوي حسني

يحتفل العالم بعيد الحب “الفلانتين” يوم ١٤ فبراير، أما في مصر فانه بالاضافه الي ذلك، يحتفل المصريون به أيضا يوم ٤ نوفمبر.

وكان الصحفي مصطفي أمين هو من دعي لهذا الاحتفال واختار له هذا التاريخ، علي أن يكون هذا العيد يوم للاحتفال بالحب ليس فقط بين العاشقين، ولكن الحب بمعناه الشامل، وفي هذا الشأن كتب في جريدته “أخبار اليوم”، “نريد أن نحتفل لأول مرة يوم السبت 4 نوفمبر بعيد الحب، حب الله وحب الوطن وحب الأسرة وحب الجيران وحب الأصدقاء وحب الناس جميعا (…) هذا الحب سوف يعيد إلينا كل فضائلنا ويبعث كل قيمنا، يوم كانت النخوة طابعنا والمروءة ميزتنا والشهامة صفتنا”

ويرجع السبب الي دعوته لهذا الاحتفال، وفقا الي مقال نشره في هذا التاريخ (٤ نوفمبر) ، عن مشاهدته جنازة في حي السيدة زينب بوسط القاهرة، فتعجب من وجود ثلاثة رجال فقط يسيرون في الجنازة، وعندما سأل عن السبب عرف ان الرجل المتوفي كان عجوزا وغير محبوب، ومن هنا جاء اقتراح عيد الحب، لنشر المحبة والمودة بين الناس.

هذه هي بعض قصص حب من مصر، او التي كان أحد أطرافها مصري/ة

طه حسين وسوزان

كتب طه حسين الي زوجته قائلا: “بدونك شعر أني أعمي حقا، أما وأنا معك، فإني أتوصل إلى الشعور بكل شيء، وإني أمتزج بكل الأشياء التي تحيط بي”

وعندما رحل كتبت سوزان تقول: “ذراعي لن تمسك بذراعك ابدا، ويداي تبدوان لي بلا فائدة بشكل محزن”

فى عام 1915، أثناء الحرب العالمية الأولي، عملت الشابة الفرنسية «سوزان بيرسو» قارئة لشاب مسلم كفيف هو طه حسين، و الذى كان يدرس فى جامعة مونبلييه في فرنسا. كان طه حسين نابغة، استطاع فى خلال خمسة سنوات من الحصول على البكالوريوس و الدراسات العليا و نال الدكتوراة فى فلسفة ابن خلدون. و كذلك درس و اجاد اللاتينية و اليونانية.

اطلق طه حسين على سوزان لقب “صوته العذب” و قال لاحقا فى مذكراته انه داومه احساس لدى لقاءه بها اول مرة بانها ستصبح سيدة حياته، و بالفعل فكرا بالزواج و لكنه طلبه للزواج منها لاقى معارضة شديدة من اهلها، فكيف تتزوج ابنتهم من شاب فقير عربى كفيف مسلم. و لكن بعد ان التقاه خال سوزان و الذى كان قسا فى الكنيسة الكاثوليكية، اعجب به اعجابا شديدا و وافقت عائلتها على زواجها منه. 

زوجة الأديب المصري جاءت معه إلى القاهرة عام 1919 ورافقتها ابنتهما الأولى أمينة ابنة الـ16 شهرًا، ثم أنجبت منه طفلاً آخرًا أسمياه مؤنس. ورافقته فى رحلتهما الزوجية خلال 56 عامًا وحتى وفاته عام 1973 . وقد بقيت سوزان في مصر حتى بعد رحيل زوجها، ولم تغادر البلاد مطلقًا حتى توفيت عام 1989 عن عمر يناهز 94 عامًا.

إحسان عبد القدوس والسيدة لواحظ المهيلمي

“هى حبى الأول، والأخير، عرفتها فى مطلع 1942، ولم تستطع أى امرأة أن تزحزح مكانها فى قلبى “

بتلك الكلمات التي تشع عذوبةً، وصدقًا عبر إحسان عبد القدوس عن مدى حبه لزوجته السيدة لواحظ المهيلمي.

وقال عنها أيضًا في أحد كتبه: “زوجتى نموذج فريد للمرأة النادرة الوجود، شعلة محبة ووهج عطاء خلاق، عطاؤها بلا مقابل، ويكفى أنها تعيش، وتكرس كل الظروف، وتهيئ كل الأجواء من أجل أن أعمل فى هدوء، ويكفى أنها تتحمل قلقى، وتوترى، ومعاناتى بصدرٍ رحب، هى المرأة التى كرست حياتها من أجل أن أكون الإنسان والفنان معًا، إننى أعجب بينى، وبين نفسى كيف ملكت زوجتى هذه الطاقة لتتحملنى، ويبدو لى أحيانًا أننى إنسان لا أطاق، وقد أبدو أنانيًّا فى بعض الأحيان، ولكننى أقدر زوجتى غاية التقدير، فلولاها ما كان يمكن لى أن أعمل وأنتج، إن عاطفتى تجاهها بدأت بلحظة البناء، والتكامل التى شرعنا فيها معًا؛ لذلك فعواطفى تجاهها تزيد مع الأيام، فقد فهمتنى لأقصى درجة، وتعايشت معى بمواصفاتى، وحرصى الحاد على فرديتى، ثم طبيعتى كإنسان قلق يخشى دائمًا على إنتاجه، ونوعيته، وأثره على القراء”

ورغم أن فكرة الزواج لم تكن على رأس أولويات الطالب إحسان عبد القدوس ذي الثانية والعشرين عامًا آنذاك، إلا أن حبه لها كان له رأيًا آخر، ليقررا سويًّا بدء رحلتهما معًا نحو الكفاح من أجل بناء أسرة صغيرة يغمرها الحب، والعاطفة، والولاء لسنين عديدة

اخناتون ونفرتيتي

لم تكن قصة حب الملكة نفرتيتي، والملك اخناتون بالعادية، فهي قصة الحب، والحرب التى خاضها، هي التي برهنت على قوة المرأة المصرية، ومساندتها الدائمة لزوجها، فبجانب اخناتون العظيم كانت هناك نفرتيتي العظيمة بجواره تتخطى معه الأزمات.

ففي البداية ساعدته على تولي العرش، والحصول على القبول، والاحترام من عامة الشعب، كما تحدت معه معارضة الكهنة لمبدأ توحيد الآلهة في صورة الإله آتون.

ورغم أنها لم تكن تنتمي للقصر الملكي قبل زواجها من الملك اخناتون إلا أنها حازت على منزلة رفيعة في قلبه، وقلوب شعبه، فكانت الزوجة، والحبيبة، والملكة الحكيمة، وكذلك المرأة القوية

وتعبيرًا منه عن شدة حبه الكبير لها، سجل اخناتون كل ما قدمته إليه نفرتيتي من حب، ومشاركة على جدران تل العمارنة، إلى جانب العديد من الصور العائلية التي جمعتها به، وبأبنائهما، كما أمر أفضل نحاتين عصره بنحت تمثال متقن الصنع؛ لإبراز شدة جمالها.

أنطونيو وكليوباترا

لعل قصة حب كليوباترا، وماركس أنطونيوس (مارك أنطوني) واحدة من أشهر قصص الحب التاريخية على الإطلاق.

وقد بدأت هذه القصة بعد اغتيال يوليوس قصير، وانقسام الامبراطورية الرومانية بين أعظم، وأقوى اثنين من رجاله هما ماركوس أنطونيوس، وجايوس أوكتافيوس، وفي الوقت الذي قرر فيه ماركوس أنطونيوس الانفراد بالامبراطورية الرومانية، كان أوكتافيوس يود ضم مصر إلى امبراطوريته، وهو ما هدد بقاء الملكة كليوباترا على عرش مصر؛ لذا قررت كليوباترا الانضمام إلى صف أنطونيوس بغرض الزواج منه لعله يصبح حاكمًا للامبراطورية كلها، ويبقيها كما هي في ملكها، فانتهزت فرصة طلبه لمقابلتها، وذهبت إليه خفية عن عيون عامة الشعب خوفًا من غضبهم، وثورتهم ضدها.

فوقع أنطونيوس في حب كليوباترا منذ اللحظة الأولى، وهو الذي كان يحرم على الرومان الزواج من خارج امبراطوريتهم، كما أعجبت به كليوباترا أيضًا، والتمست فيه الوسامة، والذكاء، وتطورت علاقتهما كثيرًا لدرجة أنها أنجبت منه توأمين، وأعلنا فيما بعد زواجهما رسميًّا؛ ومع ذلك اضطر أنطونيوس إلى الزواج من أوكتافيا شقيقة أوكتافيوس؛ لفض ما بينهما من صراع، وبعد وقت من إخماده عاد الصراع بينهما من جديد، طلق أوكتافيا، وأنطونيوس الذي عاد لكليوباترا، وبقيا معا حتى حادثة انتحاره بعد هزيمة قواته علي يد أوكتافيوس.

رضوي عاشور ومريد البرغوثي

قصة حب مستمرة رغم الرحيل  

بين رضوى، ومريد قصة حب باقية رغيم وقوع الفراق، والرحيل، فقد قالت عنه يومًا: “غريب أن أبقى محتفظة بنفس النظرة إلى شخص ما طوال ثلاثين عامًا، أن يمضي الزمن، وتمرّ السنوات، وتتبدل المشاهد، وتبقى صورته كما قرَّت في نفسي في لقاءاتنا الأولى”.

هو قال لها: ” أنتِ جميلة كوطن محرر وأنا متعب كوطن محتل “

وقد بدأت قصة حبهما – التي دامت لأكثر من خمسة وأربعين عامًا- على درجات سلم جامعة القاهرة حين كان يلقى مريد الشعر على أصدقائه ما لفت انتباه رضوى لتقع في إعجاب ذلك الشاب الفلسطيني الذي عرف بمبادئه الفكرية، وبراعة انتقائه لكلماته، ونبوغ قصائده الشعرية.

فكان زواجهما الذي أثمر عن ابنهما تميم في عام 1970، وتستمر هذه القصة التي أنتجت لنا الكثير من العبر، والكلمات حتى بعد رحيل رضوى عن دنيانا في عام 2014، فما زال مريد البرغوثي يحيى ذكرى حبه لزوجته الراحلة رضوى عاشور في قصائده، ورسائله التي دائمًا ما يحرص على إرسالها لها  

وستظل قصة حب رضوى عاشور ومريد البرغوثي باقية .

إيمان وماكس

قصة حب إيمان وماكس تستمر أكثر من خمسين عاما برغم من إختلاف الثقافات 

” تعرفت على ماكس، الذي قلب حياتي تمامًا، وتحدثنا في أشياء كثيرة، وأعجب كل منا بالآخر، ووقف إلى جواري في أكثر من موقف، خاصة عندما مرض أخي بالسرطان، وسافر للعلاج في ألمانيا، فساعدني كثيرًا، استشعرت أنه رجل بمعنى الكلمة، شهم، كريم، جاد، حنون، رقيق، ومجامل، فكان يشاهد أفلامي، ويرسل لي ورودًا عقب نجاح كل فيلم، وبنينا قصة حبنا على العقل والقلب معًا، وتزوجت ماكس، وأنا مقتنعة تمامًا به، وزواجي منه تطلب الكثير من الأشياء التي كان من الصعب علي القيام بها أهمها اعتزال الفن نهائيًّا، والسفر معه لألمانيا، والإقامة هناك “

هكذا عبرت الفنانة إيمان – في أحد حواراتها الفنية – عن علاقتها بزوجها الألماني ماكس، كما قالت أيضًا في حوار آخر: ” الحب الحقيقي يصادف الإنسان مرة واحدة، ولازم الست تتشعلق فى رقبة الراجل ده، والراجل ده طلع واحد من عشاق التاريخ المصري، ومخصص في بيتنا دور خاص للمصريات، وكان دايما يعتبرني أميرة مصرية، ودي كانت أهم صفة عجبته، أما أنا فوجدت فيه إنسانًا عطوفًا، ويدهشك أنه ساخن، وصاحي، ومتحمس زينا يعنى مش بارد أو بطيء الاستجابة زى معظم الأوروبيين “

وتعرفت إيمان أو ليلى هلال ياسين على زوجها ماكس شيلدين أثناء تلبيتهما دعوة لتناول العشاء بمنزل أحد المنتجين الألمان الذي اشتركت إيمان بفيلمه (الفتاة الرفيعة) حيث كُرمت على إثره بمدينة ميونيخ الألمانية التي كان ماكس القنصل الشرفي لها حينذاك، ليتزوجا في عام 1962، ويستمر زواجهما لأكثر من خمسين عامًا، عاشا فيها سويًّا مع أبنائهما الثلاثة في كنف قصة الحب القوية التي جمعت بين سمراء النيل ابنة الاسماعيلية، ومهندس العمارة الالماني

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني




أضف تعليق