العيش في ظل الرجال

٩ مايو ٢٠٢١
كتبت : اليكساندرا كينياس – ترجمة يارا حامد


يعد الأهتمام المبالغ بالزواج في مصر مصدر إرهاق للعديد من الفتيات، فمثال مثل” ضل راجل ولا ضل حيطة” يتم زرعه في عقولهن منذ سن مبكرة، فتشب الكثير من الفتيات وهدفهن الوحيد في الحياة هو أن يتزوجن، ينجبن أطفال. والمحزن أكثر هو أن الفتيات يتم تنشأتهن على أن يصبحن في نهاية المطاف حضانات لإنجاب الأطفال للحفاظ على الزيادة السكانية. 

ففي مجتمع يعتبر إنجاب النساء للأطفال أسمى وظيفة، نادرًا ما تستطيع النساء أن يتمردن على تلك التقاليد، والمؤسف أكثر هو أن تكون أحيانًا تلك المعايير المجتمعية هي ما يطمحن إليه النساء. فالكثير منهن، يرى الزواج على أنه وسيلة يمكن من خلالها أن يتحررن من القيود العائلية المفروضة عليهن، وسيحصلن بالزواج أيضًا على إستحسان المجتمع.   

عندما ينظر للزواج على أنه غاية، فبالتأكيد صورة المرأة العازبة ليست بالشيء المبهج. ولو قُدر لأي فتاة، لا قدر الله، أن تظل عزباء لفترة طويلة، تعاني هي وأسرتها من ويلات تجربة نفسية شاقة؛ فنساء العائلة، الأصدقاء، والجيران، كلهن سيمصمصن شفاههن أسفًا على سوء حظ تلك الفتاة المسكينة التي فاتها قطار الزواج، وستنهال عليها نظرات الشفقة بسبب المرض المستعصي التي تعاني منه؛ مرض “العنوسة” – مرض لا يمكن إلا لرجل أن يعالجه.     

ونتيجة للضغط المتزايد على النساء، تتجه الكثيرات إلى أن يتزوجن بشركاء غير أكفاء، فقط لأن هولاء الشركاء تقدموا للزواج منهن وبذلك، أنقذوهن من الهلاك المحتوم. وبالطبع، كلما تقدمت المرأة في العمر، كلما كانت التنازلت أكثر وأكثر. فيمكن أن تصل تلك التنازلات إلى أن تقبل المرأة بأن تكون زوجة ثانية وهذا، مقارنة بمجتمع لا يزال يوصم ويمييز ضد النساء العازبات، ليس إلا خلاص من الوصم المجتمعي للمرأة على أنها “عانس”. فيمكن التضحية بأي شيء في سبيل أن يتغير ذلك الوضع الإجتماعي وفي حين أن بعضًا من تلك الزيجات ينجح، البعض الآخر يفشل ويتم هنا استبدال لقب ” عانس” بلقب “مطلقة “؛ وضع غير مرحب به هو الآخر، ولكنه مقبول أكثر.   

ولأنها ينظر إليها على أنها “خرابة بيوت” وتهديد محتمل لصديقاتها المتزوجات، عادة ما يتم إقصاء المرأة العزباء من دوائر الصديقات، وهذا ينطبق أيضًا على المرأة المطلقة. ومحاولات تلك السيدات للاستقلال والعيش بمفردهن، عادة ما تصاحبها صعوبات فائقة، لأن في مجتمع يقدس الزواج، استيعاب اختيارتهن الطواعية في أن يكونوا عازبات هو بالشيء المستحيل. 

عندما تبلغ الفتيات سن الزواج، تبدأ العائلة في الضغط عليها، ويختلف التوقيت طبعًا بإختلاف المكان، ففي المدن، يبدأ الضغط علي الفتيات للزواج بعد أن تتخرج من الجامعة ولكن في القرى والمدن الصغيرة، يبدأ الموضوع مبكرًا جدًا. 

وفي مسعاهن للحصول على أزواج وخوفهن من خسارة تلك “الغنائم المنتظرة”، عادة ما تضطر الفتيات إلى إتقان فنون التلاعب والخداع وهن ليسوا بالمُلامين على هذا الأمر، فعندما ينشأن في مجتمع يتعلمن فيه منذ صغرهن أن” ضل راجل ولا ضل حيطة”، ماذا عساهن أن يفكرن في أمر غير ذلك؟ 

إتباع خطى الأمهات والجدات في البحث عن أزواج هي تجربة متعبة على الصعيد الفكري وأيضًا النفسي، لأنه عندما تفشل المرأة في الحصول على هذا الشريك، تنتابها مشاعر الشفقة إتجاه ذاتها بسبب إعتقادها بأنها غير ملائمة للزواج، وعليه تقل ثقتها في نفسها ويمكن أن يؤدي ذلك في كثير من الأحيان إلى الإكتئاب. أما الذين ينجحن في مسعاهن، فهن يستبدلن ظلًا بالآخر- نعم، لأن المثال ينص على أن النساء، أي كانت الظروف، معنيات فقط بأن يعشن في الظلال. 

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق