«ابتزاز انبوكس» .. حلم الشهرة قد يقود ابنتك للهاوية! | سلمي محمود

٢٥ يوليو ٢٠٢١
سلمي محمود

إن كنتِ واحدة من مواليد التسعينات فحتمًا كانت هواياتك عندما كنتِ ابنة الثانية عشر من عمرك هي قراءة روايات عبير المُسربة سرًا عن طريق زميلاتك في المدرسة، وربما مشاهدة أفلام الفيديو في سهرة الجمعة مع العائلة أو التسكع مع صديقاتك خلسة في المساء، ففي بداية الألفية الحالية، كان هذا كل ما نملك من مصادر للتسلية، أما الأن ومع ظهور الأجيال الجديدة وتطور التكنولوجيا، أصبحت الأجهزة الجوالة في يد الجميع، اختفت الهوايات القديمة وأصبح الأطفال يتصفحون الأنترنت ربما حتى قبل أن يتحدثوا للمرة الأولى، لم يعد هناك أي قيود أو محاذير تُذكر، إنما أصبح الجميع يتصفح ويتسامر وأحيانًا يبتز الأخرين!، حيث ازدادت الجرائم الإلكترونية بما فيها الابتزاز الإلكتروني خاصة للمراهقات مع المساس بحياتهن الخاصة وإغوائهن بالربح والشهرة السريعة وفق طُرق مبتكرة قد لا تخطر على بال أحد!.

حلم الشهرة السريع

فعلى سبيل المثال انتشرت في الآونة الأخيرة بعض التطبيقات بين الأوساط الشبابية من ضمنها (Tiktok، Likee، Bingo، ….)، فأصبح لا يخلو أي هاتف جوال من تلك التطبيقات، ورغم كونها صُممت بغرض مشاركة المواهب المختلفة وبالفعل ساعدت الكثيرين وكانت الملهم الأول لشهرتهم، إلا أن الوجه القبيح لتلك التطبيقات ظهر مؤخرًا حيث تحولت إلى وسيلة لاصطياد المراهقات وإغوائهن بتحقيق الشهرة والثراء السريع ثم ابتزازهن والإيقاع بهن، فلن تتعجب اليوم إن رأيت فتيات صغيرات السن يرتدين ملابس مثيرة ويقمن بحركات خادشه للحياء لا تناسب سنهن وذلك بهدف تحقيق الشهرة وتصدر “الترند”، وكلما كانت الفيديوهات مثيرة للجدل أكثر كلما حققت الفتاة حلم الشهرة والثراء بشكل أسرع، وبالطبع إذا وُجد حلم الشهرة وُجد المبتزين، فالبعض يقوم بإغواء المراهقات واستغلال رغبتهن في تحقيق الشهرة والإيقاع بهن، حتى تُكتب النهاية بسقوطهن في بئر الجرائم المنافية للآداب وضياع مستقبلهن.

الابتزاز الإلكتروني العاطفي

أما العلاقات العاطفية فقد انتقلت هي الأخرى من حيز الخطابات إلى “الانبوكس” وصار تتر النهاية يُكتب بقلم التشهير وتسريب الصور الخاصة والمحادثات المفبركة وما خفي كان أعظم!، حيث يستغل بعض الشباب الأنترنت في الإيقاع بالمراهقات صغيرات السن وإيهامهن بالحب والزواج حتى يتطور الأمر بينهم شيئًا فشيئًا، وما أن تقع الفتاة فريسة في شباكهم سرعان ما يبدأ مسلسل الابتزاز والتهديد بالتشهير ونشر الصور ومقاطع الفيديو أو تسريب المكالمات الخاصة ما لم يدفعوا لهم مبالغ مالية أو يرضخوا لطلباتهم الجنسية.

ويتم أمر الابتزاز هذا بالاستعانة بأدوات التواصل الاجتماعي الحديثة لإضفاء نكهة حارة على طبخة الابتزاز على الطريقة الحديثة!، ومنها على سبيل المثال الأرقام الأمريكية والتي توفرها بعض المواقع، إذ يتمكن مستخدمي تلك المواقع من الحصول على أرقام هواتف أمريكية مجانية يستغلها البعض في تخويف الفتيات واستغلال جهلهن بالأمر ومحاصرتهن من خلال إرسال رسائل يومية مجهولة المصدر لهن تتضمن تهديدات إما بالتشهير أو نشر معلومات خاصة أو ما هو أكثر من ذلك ما لم تستجب الفتاة لمطالبه، وقد لا تصلح نصيحة حظر الشخص هنا وإنهاء الأمر فالخدمة توفر عدد غير محدود من تلك الأرقام مما يصعب المهمة كثيرًا.

أيضًا قد لا يبدو حدثًا غريبًا اليوم إن وجدت حسابًا مزيفًا يحمل اسم إحدى الفتيات يقوم بنشر صور خاصة لتلك الفتاة أو محادثات مفبركة أو كتابة منشورات خادشه للحياء بدافع تشويه سمعة تلك الفتاة وفضحها وتدمير حياتها، الأمر ذاته يحدث داخل بعض غرف تليجرام المغلقة، حيث يقوم بعض المبتزين بتسريب صور وفيديوهات الفتيات الخاصة في مجموعات محلية “أي تضم أشخاصًا من نفس المنطقة التي تسكن بها الفتاة حيث تُسهل إحدى خواص تطبيق تليجرام هذا الأمر” انتقامًا منهن وسعيًا وراء تشويه سمعتهن وقد يصل الأمر إلى انتحار بعض الفتيات بسبب ذلك!.

الصور والفيديوهات الخاصة قد لا تقع في يد المبتز عن طريق الإرسال المباشر له، إنما قد يحصل عليها من خلال روابط الهاكر التي يستحوذ من خلالها على حسابات الطرف الأخر وأحيانًا كامل بيانته ليستغلها في ابتزاز الفتيات وتهديدهن، وبالفعل البعض منهن يخضعن لأوامر المبتز خوفاً من المجتمع والناس حتى لو كان الثمن غاليًا!.

“هخليكي نجمة مصر”

وبالنسبة للعمل فمَن منا لم تحلم باعتلاء سُلّم المجد والشهرة، موديل، عارضة أزياء، ممثلة ….. كلها مجالات كانت متواجدة بقوة في القائمة المختصرة لأكثر الوظائف التي ترغب أي مراهقة في العمل بها لأنها كانت ومازالت تعد البوابة الأسهل لدخول عالم الشهرة والثراء، لكنها مع الاسف كلها تتطلب مقومات خاصة من الموهبة وقدّر كافي من الجمال بالإضافة إلى بعض المقومات الأخرى، ولكن ليس جميعنا نمتلك كل هذه المقومات أو على الأقل معظمها فهل نترك الحلم يذهب في مهب الريح أم نُحارب لأجله؟

من هنا تبدأ رحلة الابتزاز حيث يقوم بعض المبتزين من العاملين في تلك المجالات باستغلال رغبة بعض المراهقات في اعتلاء سلم المجد والشهرة من خلال عرض المساعدة ظاهريًا من خلال طلب صور أو فيديوهات معينة يظهر بها جسدها بشكل واضح بحجة رغبته في التأكد من مناسبتها للوظيفة وإذا استجابت الفتاة لمطالبه، سرعان ما تبدأ الحلقة الثانية من مسلسل الابتزاز حيث يحاول مقابلتها بدافع الاتفاق أو عمل اختبارات الأداء ويحاول التحرش بها أو الإيقاع بها في مصيدة الخطيئة، وإذا رفضت يقوم بتهديدها بنشر تلك الصور وفضحها أمام الملايين، أما إن استجابت فبالطبع يحاول إيهامها بفتح أبواب المجد والشهرة لها  أو جهنم!.

وماذا بعد؟

الابتزاز الإلكتروني ليس وليد اللحظة ولكنه في تطور مستمر للدرجة التي تجعلك لا تدرك إلى أي مدى قد يصل!، علاج الأمر برمته مازال صعبًا لعدة أسباب ولكن التخفيف من إثره أو إنهاءه من البداية قد يبدو ممكنًا، حيث يجب على الآباء والأمهات خلق مساحة آمنة لأطفالهم الإناث والذكور، الإناث بتوعيتهن بعدم إفشاء أسرارهن الخاصة أو إرسال صورهن أو بياناتهن الخاصة تحت أي بند، أما إن فعلن رغمًا عنهن أو حتى برضاهن، فيجب طلب المساعدة من الأهل أو شكوى مباحث الإنترنت بدلاً من تفاقم الأمر أكثر وأكثر، أما الذكور فالأمر ذاته بالنسبة لهم بالإضافة إلى توعيتهم بضرورة احترام الجنس الأخر ومحاولة مساعدتهم في حالة حدوث مشكلة لهم بدلاً من المشاركة في تلك الجريمة بأي شكل!.

**إذا تعرضتي لأبتزاز عبر وسائل السوشال ميديا يمكنك الإتصل بالخط الساخن لمباحث الانترنت ١٠٨ ، وسيوجهوكي الي المكان الأقرب لكي لتقديم البلاغ، حتي لو تعرضتي لابتزاز او تحرش من حساب مزيف Fake ، سيتمكن من تحديد مكانه والعثور عليه وتقديمه للنيابة بتهمة التحرش أو الإبتزاز أو السب والقذف، أو كل هذه الجرائم. كل المطلوب منك هو رقم تليفونك و السكرين شوت بالمحادثة، وحتي لو كان الطرف المبتز قد مسحها من علي تليفونه المحمول. 

مكاتب تقديم الشكاوي مفتوحة من ٨ صباحا الي ٨ مساء طوال الإسبوع. 

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق