ماذا عن عذرية الرجل! | كتبت رشا سنبل

٦ سبتمبر ٢٠٢١
رشا سنبل

أباحت دار الافتاء ترميم غشاء البكارة للفتاة التي تعرضت لاغتصاب، أو تم التغرير بها، وذلك من خلال بث مباشر على صفحة دار الافتاء ردًا على سؤال لطبيبة نساء وتوليد، تقوم بعمليات ترميم لغشاء البكارة للفتيات. أفتت الدار بجواز الترقيع من باب الستر، وليس فيه تغرير بأحد، وأعتبر الكثير أن تلك الفتوى قفزة في تفكير الشيوخ، بعد أن كان ذلك محرمًا تحريمًا قاطعًا، مما يثير أسئلة كثيرة، خاصة أن من سألت السؤال هى طبيبة متخصصة في أمراض النساء! ومن أجابها أهم من له المعرفة، والحق في التكلم بأمور الدين، فعلينا أن نعرف ما هو غشاء البكارة، ما أهميته، وعلام يدل وجوده من عدمه؟

غشاء البكارة هو عبارة عن حلقة مرنة تتواجد في فتحة المهبل، تحتوي في مركزه على فتحة أو أكثر تسمح بخروج دم الحيض من خلالها إلى خارج الجسم، بالتالي لا يغلق هذا الغشاء منطقة المهبل كليًا، فهو ليس نوعًا واحدًا، ومادته ليست ككيس بلاستيكي مشدود على إطار، يمكن اختراقه بسهولة وتحطيمه للأبد، بل هو أشبه بتوكة شعر مطاطية، كما له أنواع متعددة، النصف قمري، الكامل، ذو فتحة صغيرة، ثنائي الفتحة، غربالي، وحسب قول منظمة الصحة العالمية، غشاء البكارة ليس له علاقة بالعذرية، وكثير من الفتيات يولدن من غيره، والبعض يفقدنه لأسباب حياتية كالجري واللعب، ولا تخسره كل الفتيات حين الزواج أو بعد العلاقة، بل وقت الولادة الطبيعية، وليس بالضروري أن تنزف كل الفتيات بعد ليلة الزواج، فبعضهن لا ينزل منهن نقطة دم واحدة، وللأسف الشديد توجد الكثير من المعلومات الخرافية عن هذا الأمر، ليست لها حقيقة علمية صحيحة، وأكثر الناس علمًا بذلك هم الأطباء والطبيبات!

لقد تربينا جميعًا على أن العذرية دليلها الوحيد المؤكد هو غشاء البكارة، لكن هذا مؤسس على أدلة خيالية، فالأكذوبة الأولى: حين تحطم غشاء البكارة، لابد من خروج قطرات من الدماء بمعنى أنه لو لم تتواجد تلك القطرات على الملاءة بعد التواصل الجنسي، فببساطة تلك الفتاة ليست عذراء، وبالتالي تأتي الأكذوبة الثانية، لو لم تتواجد تلك القطرات فهذا له معنى واحد، أن تلك الفتاة قد مارست العلاقة مع أحدهم من قبل، وكي نعرف صحة ذلك من عدمه، لابد الكشف على أعضائها الجنسية للتأكد من عذريتها!

 لن أتكلم عن كم المعلومات الخاطئة المسربة لنا من الأفلام والدراما والروايات، وخلق حالة من الرعب في ليلة ينبغي أن يغلفها الحب والصدق، بدلًا من هذا الهلع، فتفعل النساء كل ما تستطيعه للخروج من هذا الوصم المجتمعي العنيف ضدها، وأسرتها خاصة الذكور منهم، حتى لو كان بالكذب، دم غير حقيقي، أو إجراء عمليات جراحية مثل تلك التي أفتت دار الإفتاء بجوازها للضرورة! كما بسبب هذا الخوف تُمنع  فتيات من ممارسة الرياضات أو ركوب الحصان أو الدراجات وغيره، ولا يسمح لهن بحرية السفر والانتقال، كما أن الكشف على عذرية الفتيات إجراء يتبع في حالة احتجازهن في مؤسسات عقابية! رغم وجود طرق أخرى آدمية لمعرفة إن كانت السيدات يحملن أجنة في أرحامهن بدلًا من الإجتراء على أجسامهن! وتجعلنا الفتوى نسأل ما ذنب الفتاة المغتصبة، كيف نعرضها لألم جراحة كعملية رتق غشاء البكارة، تستغرق العملية حوالي 45 دقيقة تقريبًا، ويجب أن يتبعها ستة أسابيع قبل أي تواصل جنسي، وهي الفترة اللازمة للشفاء التام من العملية وإعادة رتق الغشاء بالكامل، وهى لها تجربة مؤلمة سببها الاغتصاب، كمجني عليها، ولابد أنها تعاني من صدمة ما بعد الحادث، وبدلًا من دعمها وتصديقها، وتغيير نظرة المجتمع لها، والعمل على تقبل نفسها وجسدها، والرجل الذي سترتبط به، نسلط الضوء مرة أخرى وبقوة على أن أهم ما فيها هو هذا الغشاء! ولا أعلم كيف نرضى أن تبنى علاقة زواجها هى أو غيرها على الكذب والخداع!

مع هذا الهوس بعذرية الفتاة، لا نجد أى انشغال بعذرية الرجل، والتأكد من حقيقتها، كيف لنا أن نعرفها! فلا توجد غير طريقة واحدة وهى سؤاله، هل كانت لك علاقات قبل الزواج، وبالتالي إجابته بنعم أم لا هى الفيصل، فلماذا نصدق الرجال ولا نكترث بإجابة النساء بنفس الدرجة! البحث عن عذرية المرأة في جميع أحوالها ومبرراتها، ليس له علاقة بأخلاق أو وازع ديني حقيقي، فنحن نعلم أن الرجال يحرصون على الارتباط بمن لم يسبق لها الزواج، فتعامل المطلقة بصلف واتهام، ولا ترضى معظم الأهالي بتزويج أولادهم الذكور لنساء سبق لهن الزواج، رغم شرعيته وحلته، وأن الرسول الكريم كانت كل زوجاته أرامل ومطلقات ماعدا عائشة رضي الله عنها، عذرية المرأة ليس أمرًا أخلاقيًا بل هو للتحكم في جسدها، والتحقير من شأنها، فلو أردنا حقًا معرفة الإجابة عن سؤال العذرية للرجل أو المرأة فالإجابة هى كلمتهم.

رشا سنبل

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق