الحب الأول | شريف وليلي  | كتب شريف عمار

٢٨ مايو ٢٠٢٢
شريف عمار

ذكرياتي الأولى مع ابنتي “ليلى” بدأت مع نهاية عقدي الثاني، أي قبل حوالي خمسة عشر عاما من وصولها إلى الدنيا، تحديدا بعد مشاهدتي لفيلم “الباب المفتوح” لأول مرة. من شاهد “الباب المفتوح”، سيعلم أن “ليلى” ليس مجرد اسم، إنما هو فكرة. كانت “ليلى” تعيش في مجتمع متسلط ووطن مسلوب، ورغم ذلك كانت قوية، متمردة، طموحة، مناضلة، تؤمن بأن حرية الإنسان من حرية الأوطان. 

وكانت أسمى وأعظم معاني هذه الحرية تلك اللتي أهداها إليها حبيبها “حسين” في رسالة بدأها بـ “عزيزتي ليلى”، وقال فيها: “أريد منك أن تحبينى، ولكنى لا أريد منك أن تفنى كيانك فى كيانى ولا فى كيان أى إنسان، أريد لك كيانك الخاص المستقل، والثقة التى تنبعث من النفس لا من الاخرين، وإذ ذاك فقط تحقيقين السعادة …. فانطلقى يا حبيبتى، افتحى الباب للحياة عريضا على مصراعيه، واتركيه مفتوحا، وفى الطريق المفتوح ستجديننى، في انتظرك”. كان “الباب المفتوح” بمثابة النور الذي هداني بمناجاه الله سرا وعلانية لأن يرزقني بفتاه واسميها ليلى، وهاداني حب ليلى قبل ولادتها، وحب أمها -آمنة- قبل لقائها. فكانت آمنة هي أعظم ما قدمته لها قبل ولادتها، وفي كل حياتها.

أما رسالة حسين لليلاه فكانت هدىً لي لمراسلة ليلاى، ابنتي التي لم تأتِ بعد، فكتبت لها كتاب أحدثها فيها عن حرية وحب وإيمان وحياة، أوصيها فيه ولا أرغمها، أخيّرها ولا أجبرها، اسمه على اسمها .. “عزيزتي ليلى. أوصيتها فيه حب الله، وحب الأوطان، وحب الناس، وحب الحيوان، وحب النفس، وحب الحياة. حدثتها أن الله لا يسكن مسجدا ولا يحيا في كنيسة، إنما هو داخلها وحولها، يسكن قلوبنا ويحيا بخير الناس، وأنه لا يحتاج وسيطا لنناجيه، إنما قلبا طيبا وعقلا متسائلا لنجده. أوصيتها أن تبذل الخير بفطرة إنسانية، لا مقايضة بحسنات ونعيم، أو رهبة من سيئات وجحيم. أوصيتها أن تكره الخطيئة وليس المخطئ، وأن تدعوا له بالهداية لا عليه بالهلاك. حدثتها أن إيمان الناس للناس، وأن ما لها هو كيف يتعاملون به معها. أوصيتها أن تتوضئي بالمحبة قبل الماء، فصلاة الكاره مردودة مهما زاد فيها، وصلاة المحب مقبولة مهما كان دين صاحبها.

كان الله عند حسن ظني به، واستجاب مناجاتي، ورزقني ليلى. اليوم ليلي هي ابنة الأربعة أعوام، تكبر وتتشكل في بيت أعمدته الحب، وأساسه السلام، ونوافذه بَحَرية تطل على حديقة الحرية، وأبوابها مفتوحة، عريضة على مصرعيها، لتستقبل فراشة ألوان جناحيها حب وحرية وموسيقى وسلام، أثرها لا يرى، ولكنه لا يزول.

شريف عمار

ـــــــــــــــــــــــــــ

حملة «الحب الأول» هي عن حب الآباء لبناتهم… لأن الأب هو الحب والبطل والمؤثر و المعلم الأول في حياة كل بنت. المزيد عن الحملة وازاي تشاركوا فيها: https://bit.ly/3Nd25EL

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق