عشان تبقي تقولي لأ| ليست مجرد أغنية بل واقع عاشته ٤ ضحايا مصريات

١٩ أكتوبر ٢٠٢٢
كتبت: رضوى حسني

“عشان تبقي تقولي لأ” أو “سالمونيلا” تلك الأغنية الشهيرة التي انقسم حولها الناس بين مؤيد، ومعارض منذ إصدارها في بداية عام ٢٠٢٠ إلى أن قام مؤديها بحذفها من قناته على اليوتيوب في شهر يونيو من نفس العام بعد حوادث متكررة من التحرش الجنسي بالفتيات داخل الشارع المصري.

وتعود الحكاية إلى أول مرة أطلقت فيها الأغنية على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشارها بشكل كبير بين العامة حتى أن الأفراح لم تكن تخلُ منها. فالأغنية – بعيدًا عن محتوى كلماتها، وما كانت ترنو إليه – ذات إيقاع راقص مبهج يبدأ بطيئا، وسرعان ما ينتهي سريعا، وبين ذاك، وذاك كانت الرقصة، والفرحة التي تبدأ تدريجيًّا بالاختفاء ليحل محلها النفور، والقلق بالتركيز على مضمون الكلمات وحده دون اللحن… علشان تبقى تقولي لأ!

أما في حالة مشاهدة الڤيديو كليب الخاص بالأغنية، فمن المؤكد أنه ينتابنا شعور بالريبة، والخوف حيال بعض مشاهده كمشهد العراك، والنظرات المرعبة لمؤدي الأغنية، وبقعة الدماء التي تلطخ وجهه.

كل هذا كان سببا في أن الأغنية لم تمر مرور الكرام لدى نشطاء المجتمع النسوي وعلى رأسهم المجلس القومي للمرأة حيث وجدوا فيها دعوة صريحة لممارسة العنف ضد المرأة، وهو بالأمر البعيد تمامًا عن رسالة الأغنية من وجهة نظر صاحبها، فكان قد صرح أنها أغنية ساخرة قصد منها كشف الرجل المرفوض من قبل الفتاة على حقيقته، والذي وصفه بــ (المقموص).

وكعادة أي قضية تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي، كان هناك المدافع عن الأغنية، والواصف إياها بالمبهجة، بل والمندد بتصريحات بعض النسويات واصفًا إياها بأنها متحيزة، وغير بناءة، وتافهة، وتقف لحرية الإبداع الفني بالمرصاد. ومن وجهة نظرهم أن “سالمونيلا” مجرد أغنية لا تتجاوز الأربع دقائق، فكيف لها أن تقلب الأمور رأسًا على عقب، بل وتهدد سلامة، وأمان الفتيات داخل المجتمع!

ولكن بعد عامين فقط من هذه الواقعة أصيب المجتمع المصري بسالمونيلا من نوع آخر، سالمونيلا أصابت أحشائه، وقضت على أربع ضحايا من بناته واحدة تلو الأخرى، والسبب أن كل واحدة منهن قالت لأ!

فكانت البداية في يونيو الماضي مع جريمة المنصورة التي راحت ضحيتها نيرة أشرف ذبحًا على يد زميلها محمد عادل، الذي نفذ جريمته أمام الجامعة بسلاح كان قد أعده مسبقًا بنية تنفيذ جريمته بعد محاولات عديدة من الابتزاز، والمضايقات التي وجهها للضحية بحكم معرفته السابقة بها إلى أن تقدم لها بالزواج، ورفضته.

وفي الزقازيق لاقت سلمى بهجت مصرعها بعد ١٧ طعنة وجهها لها إسلام محمد بالقرب من المحكمة؛ لرفضها الزواج منه، وذلك بعد حوالي شهرين من الجريمة الأولى.

وفي المنوفية لاقت أماني عبد الحكيم حتفها بعيار ناري على يد أحمد فتحي الذي تقدم لخطبتها، ورفضته، ووقعت تلك الجريمة في سبتمبر الماضي.

أما الجريمة الرابعة فوقعت منذ أيام قليلة في بورسعيد، وراحت ضحيتها خلود السيد على يد خطيبها السابق محمد سمير الذي قام بضربها، وخنقها حتى الموت بعدما قررت الانفصال عنه، وعدم إكمال الخطبة.

أربع جرائم قتل لفتيات مصريات خلال أربعة شهور يجمع بينها أن كل ضحية مارست حقها في الرفض، وقالت لأ، ولم تكن تدري أن نهايتها المحتومة من وجهة نظر المجرم لا شئ سوى القتل! 

وعلى الرغم من ثبوت حالة سبق الإصرار، والترصد في الجرائم الأربع لم يُحكم على أي من المجرمين الأربعة حتى الآن.

دائمًا ما تتحقق رؤية المجتمع النسوي برفضه أي شكل مبطن من أشكال العنف ضد المرأة تحت غطاء الفن، وحرية التعبير سواء في مشهد من فيلم/ مسلسل، أو أغنية شبابية، وذلك لبعد نظره، ووفرة براهينه. فالعبارات المتحيزة ضد المرأة، والتي تحمل شئ من الذكورية المهينة لها تتخلل في عقول الجمهور، وتنخر في أساس المجتمع حتى تلتصق به، وتتحول إلى جزء لا يتجزأ من ثقافته. خصوصًا لو كان المجتمع أرضًا خصبة صالحة لسواد الأفكار الذكورية، وترتوي بغياب الرادع القانوني؛ فمن آمن العقاب، اعتبر الجريمة حقه!

**إذا أعجبتك هذه المقالة، اشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق