أنا المعنفة .. اسمعوني

٢٩ نوفمير ٢٠٢٢
رضوي حسني

«قصص واقعية عن العنف المنزلي»

تزايدت حالات العنف المنزلي ضد المرأة بصورة كبيرة داخل المجتمع المصري، وتختلف طبيعة هذا العنف الممارس ضدها من بيت إلى آخر، و من بيئة إلى أخرى. وبالإضافة الي الإهانة النفسية والجسدية التي تتعرض لها المرأة، فهي تتعرض أيضا الي عمليات الختان، وجرائم شرف، ومع كل هذه الجرائم ضدها، تنهال علي أسماعنا القصص المؤلمة التي تتعرض لها الضحايا. و لكل قصة أحداثها و تفاصيلها الخاصة. وبعد أن كانت هذه القصص تعني صاحباتها بالدرجة الأولى، أصبحت تعنينا نحن أيضاً، بعدما تفاقمت همومهن وغلبت قوة تحملهن، و أجبرتهن على  البوح بما يدور في خلدهن من كلمات تحمل المعاناة و الصبر الهش على سوء المعاملة و التعنيف الذي يتعرضن له.

و قصص السيدات اللاتي تعرضن للعنف كثيرة، تبرهن كلها في طياتها على تلك المعاناة التي تتعرض لها المرأة المعنفة. فمثلاً تحكي «منى» قصتها عن العنف المادي و النفسي قائلة، “تزوجت من شخص بعد قصة حب بيننا على الرغم من معارضة أهلى لهذه الزيجة، و بعد زواجي منه اكتشفته على حقيقته، فهو ينتمي لذلك النوع من الرجال الذي يعتمد مادياً على ما تجنيه زوجته من مال.” كان عمل «مني» هو  مصدر دخل لأسرتها المكونة من زوجها وابنتيها، قبل أن يداهمها مرض سرطان الثدي، و الذي كان نتيجته ان يتخلى عنها زوجها مادياً و نفسياً، ومع انتشار مرض السرطان في أماكن متفرقة من جسمها واستئصال ثدييها،  هجرها هي و أطفالهم تماما بدون طلاق، حتى اضطرت للجوء إلى عائلتها من جديد، و بالرغم من إستيعاب عائلتها لها هي و ابنتيها إلى أنه غير مرحب بهن بالشكل الواجب.

و عن قصتها تحكي «رانيا» قائلة، “بدأت علاقتي بزوجي على نحو جيد قبل أن تبدأ مشاكلنا بتدخل أمه و أخواته في حياتنا الخاصة – حيث أنني كنت أعيش معه في بيت عائلته –  و نتيجة تدخلاتهن المستمرة، بدأ زوجي في تعنيفي أنا و طفليْ التوأم و امتنع عن الانفاق علينا، حتى أنه في إحدى المراتقذف في مجهي بالماء المغلي مما تسبب ذلك في إصابتي بحروق بسيطة، و كان دائماً ما يخبرني أنه سيضربني ضرب يؤلم و لا يظهر علامات على جسمي، حتى لا يلاحظ أحد أنه يضربي. و قد اكتشفت مؤخراً أنه مدمن على تعاطي المخدرات. و لكن الأصعب فعلاً هو أنه كلما حاولت التخلص منه، يقوم أهلي بإعادتي له مرة أخرى اعتقاداً منهم بأن قرار الإنفصال أمر شديد الخطورة، و لكن لما طفح بي الكيل منه، تركته أنا و طفلي الاثنين، و أقوم الآن بعمل الإجراءات اللازمة لخلعه، و الإنفصال عنه نهائياً.”

أما «أسماء» فتقول عن حكايتها، “كانت حياتنا الزوجية هادئة في البداية كأي زوجين، حتى بعد انجابي لطفلي الثالث فقد كان زوجي يحب البيت جداً، و يحرص دائماً على التواجد فيه خلال أيام العطل، و لكن انقلب الأمر رأساً على عقب عندما استسلمت لمقولة ” اربطيه بالعيال”، فانجبت طفلين آخرين، ليؤدي ذلك إلى ما لا يحمد عقباه. فقد كره زوجي البيت، و دخل في علاقة حب مع إمرأة جديدة على مرأى و مسمع مني، و تغير معي كثيراً و أصبح يعنفني بشكل همجي و متوحش، و تزوج من تلك المرأة و أنجب منها، و امتنع عن الإنفاق على أنا و أطفالي الخمس، مما اضطرني إلى العمل حتى أعيل أطفالي الصغار، كما أنه انفصل عني صورياً دون وقوع الطلاق. أعلم أنني أخطأت في البداية و لكن هذا لايبرر توحشه معي ، فضربه و طرده لي من البيت أمام أطفالي شئ لا يمكن نسيانه أو حتى تناسيه مع الزمن.”

و تعد القصة الأصعب هي قصة «هدى»، و التي لاقت حتفها على يد طليقها. وحكاية هدى تبدأ من زواجها من شخص مريض بحبها، يغار عليها تلك الغيرة المرضية.  أجبرها منذ بداية الزواج على ترك عملها، فأطاعته، وكانت حياتهما ما بين مد و جزر. و لكن حدث ما لم يكن متوقع، فبعد أحد الخلافات الناشبة بينهما، ارتكب زوجها في حقها جريمة بشعة، حيث قام بسكب الزيت المغلي على وجهها أثناء نومها، وبعد تعافيها و إجراء عملية تجميل في وجهها، قامت بخلعه و مقاضاته قانونياً، إلا أنه لم يتحمل ابتعادها عنه، و نجاحها في بناء حياة جديدة مستقلة لها و لأولادها، فتربص بها أثناء ذهابها للعمل في الصباح الباكر، وقام بطعنها عدة طعنات من الخلف حتر أرداها قتيلة. والأصعب حقاً، هو أن هذا المجرم لم يلقَ ما يستحق من عقاب، لأنه تظاهر بالخبل العقلي.

هذه نماذج لبعض حكايات المعنفات و قصصهن مع العنف الممارس ضد المرأة المصرية داخل المجتمع,و الذي يطول في كثير من الأحيان أطفالها أيضاً، و بالرغم من صعوبة بعض هذه القصص، إلا أنه مازال في جعبتنا الكثير من الحكايات المأساوية التي تعبر عن معاناة المعنفات من حولنا، و التي بالتأكيد تراها أنت أيضا حولك وفي محيطك، فقصص العنف كثيرة و مستمرة ولن تنتهِ إلا بقرار رادع من الجهات المختصة بالشئون الإجتماعية و المعنية بحقوق الإنسان و المرأة على نحو خاص.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق