إسترايجية السعادة

٢٠ يناير ٢٠٢٣
كتبت ندي رأفت

بالقطع نحن ليس لدينا خيار في الظروف التي ولدنا فيها، ولكن تجاربنا الحياتية وماذا نحقق في الحياة يعتمد في المقام الاول علي قدرتنا في كيفية تشكيل، وقيادة، وتوجيه أفكارنا.

وغالبا ما نعتقد ان السعادة هي فقط النجاح في الحصول على ما نتمناه من وظيفة مرموقة، وحساب بنكي ضخم وحياة مرفهة، وان الوصول الي هذا يحتاج فقط الي العمل الجاد. بالطبع العمل الجاد هو مفتاح النجاح، ولكن النجاح وحده لا يكفي لتحقيق السعادة.   ولذلك وحتى نتمكن بالفعل من الوصول الي الشعور بالسعادة الحقة، علينا أولا أن نستبدل طريقة تفكيرنا، باخري، تساعدنا على تحسين نمط حياتنا وتحقيق السعادة. وللوصول الي ذلك، نحتاج في المقام الاول ان نتعلم ممارسة الامتنان.

وعن الامتنان، قال ديفيد شتايندل-راست، الراهب البينديكتي في شمال ولاية نيويورك في كلمته التي القاها في Talk TED: “ليست السعادة ما تجعلنا ممتنين، بل انه الامتنان هو ما يجعلنا سعداء.”

لذلك فهو من المهم ان نعطي أنفسنا الفرصة كل حين وأخر للتفكير في كل ما يستحق منا الامتتنان في الحياة، لان ذلك يعزز من شعورنا بالبهجة والسعادة، فتبدو المشاكل والصعوبات والتحديات التي تواجهنا أصغر من حجمها. بالقطع لن تختفي مشاكلنا و لكننا لن نشعر بثقل كاهلها علي أكتافنا كما كنا متأثرين بها من قبل.

وقد أظهرت العديد من الدراسات أن الامتنان هو مفتاح السعادة، ولكن معرفة هذا فقط لا تكفي بنا للوصول الي السعادة، بل باتخاذ الخطوات اللازمة لتفعيل ذلك. أنه من الصعب علينا أن نتذكر أن نكون ممتنين في كل الاوقات. فنحن عادة ما نشعر باعلي درجات الامتنان حين نتعرض لوعكة صحية، او لحادث مأساوي او لأحداث تهدد شعورنا بالأمان، ولكن السر وراء الوصل الي الشعور بالسعادة والحفاظ على هذا الشعور يكمن في أن نتعلم ان نعيش كل لحظة بامتنان، وليس فقط أن نكون ممتنين من حين إلى أخر.

وفي هذا الشأن قال ديفيد شتايندل-راست في كلمته في :     TED Talk  ” الطريقة للوصول الي الامتنان و بالتالي الي السعادة بسيطة جدا، هي تماما مثل ما تعلمناه فى الصغر في كيفيه عبورنا  الشارع، كان يُقال لنا دائماً ( قف .. ألقى نظرة يمينا ويسارا .. ثم أنطلق). وهذا هو بالفعل هو كل ما نحتاجه، و لكن كم من مرة بالفعل توقفنا للقيام بذلك؟”

نحن نهرع من خلال الحياة بدون ان تتوقف ، وبسبب هذا تفوتنا الكثير من الفرص. لنصبح حقا سعداء، من المهم ان نتعلم ان نتوقف للنظر حولنا، ثم ننطلق لتحقيق هدف جديد، وان نفتح قلوبنا لفرص جديدة، ولتحسين طريقة تفكيرنا.

داوما ما نشعر بالامتنان لمن يتعامل معنا بلطف وكرم ودماثة الخلق، ولكننا نميل الي اغفال دور الظروف الصعبة والتحديات التي نصادفها في حياتنا والتي شكلتنا لنصبح ما نحن عليه الآن. أن نكون ممتنين لا يعني الاحتياج للشعور بالهدوء والنعيم والهناء بشكل متواصل، ولكن بالأحرى  ان ندرك الظروف والتحديات التي ساعدتنا على التغيير والنضوج، ووجهتنا او حتى أجبرتنا على تجربة الحياة من منظور مختلف.

لا يجب ان ننظر الي هذه التحديات والصعوبات أو الآلام التي نواجهها فقط من منظور سلبي، بل أيضا كفرصة لنا للتعلم والنضوج، فرصة يمكننا أن نكون ممتنين لها. إذا تمكننا من القيام بذلك، فسوف نعيش أيامنا في سلام وسعادة، وسيصبح الامتنان جزء من ممارستنا اليومية.

وعلينا دائما أن نتذكر أن الامتنان يشبه إلى حد كبير التدريبات الرياضة، وللوصول الي نتائج ملموسة، يتطلب ذلك منا مداومة الممارسة.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق